اختصاصي موارد بشرية يوضح المهارات المطلوبة لسوق العمل السعودي

كتب بواسطة: سماء سالم | نشر في

أكّد اختصاصي الموارد البشرية محمد المانع أن امتلاك الشهادة الجامعية لم يعد كافيًا وحده لدخول سوق العمل، موضحًا أن هناك مجموعة من المهارات الشخصية والمكتبية أصبحت اليوم مطلبًا أساسيًا يجب أن يصاحب التخصص الأكاديمي لأي خريج يرغب في خوض غمار المنافسة المهنية بقوة وجاهزية.

وقال المانع خلال حديثه في برنامج "الراصد" إن الجامعات تمنح الطالب المعرفة التخصصية في مجاله العلمي، لكنه يحتاج إلى دعم هذه المعرفة بمهارات عملية مكملة تُعزز من فرص توظيفه، وتجعل منه مرشحًا أكثر جذبًا لأرباب العمل، في ظل اشتداد التنافس بين الخريجين الجدد على الفرص المتاحة.

وأشار إلى أن سوق العمل لم يعد يبحث فقط عن المؤهل العلمي، بل أصبح يُعلي من شأن القدرات التطبيقية التي يمتلكها الفرد، لا سيما في المجالات التي تتطلب احتكاكًا مباشرًا بالفرق والزملاء والعملاء، ما يفرض على المتقدم أن يمتلك أدوات تمكنه من التفاعل بفعالية داخل بيئة العمل.

وأوضح أن ما يُعرف بـ"المهارات الناعمة" أو "Soft Skills" باتت عنصرًا محوريًا في تقييم المرشحين للوظائف، ومن أبرزها مهارات التواصل والعروض التقديمية، والقدرة على التعبير عن الأفكار بوضوح أمام الآخرين، إلى جانب مهارات التعاون والعمل الجماعي وإدارة الوقت والمرونة في التعامل.

ولفت إلى أن هذه المهارات تُكتسب عادة من خلال البرامج التدريبية أو الأنشطة اللاصفية أو العمل التطوعي، وهي لا تقل أهمية عن المؤهل الأكاديمي نفسه، بل قد تكون سببًا في ترجيح كفة مرشح على آخر يحمل نفس المؤهل ولكن يفتقر إلى الممارسة العملية أو الصفات الشخصية المؤهلة.

وأضاف أن إجادة برامج الحاسب الآلي الأساسية، وفي مقدمتها تطبيقات "مايكروسوفت أوفيس"، أصبحت مهارة لا غنى عنها لأي باحث عن عمل، مشيرًا إلى أن أغلب الشركات والمؤسسات تعتمد على هذه البرامج في المهام اليومية، ما يجعل الإلمام بها متطلبًا أساسيًا لدى معظم أرباب العمل.

وبيّن المانع أن بعض الخريجين يعتقدون أن التفوق الأكاديمي وحده كافٍ للحصول على فرصة وظيفية مرموقة، لكن الواقع يقول إن أصحاب القرار في التوظيف ينظرون إلى المنظومة المهارية بشكل شامل، تجمع بين الجانب العلمي النظري، والجانب المهاري العملي الذي يُترجم إلى أداء ملموس.

وأشار إلى أن المؤسسات أصبحت تُولي اهتمامًا بالغًا بمستوى جاهزية المتقدم منذ اللحظة الأولى للتقديم، عبر متابعة طريقة كتابة السيرة الذاتية، وأسلوب التواصل مع جهة العمل، والقدرة على تقديم النفس بشكل احترافي خلال المقابلات الشخصية، وكلها جوانب تدخل في نطاق المهارات الناعمة.

وأوضح أن المهارات التقنية المرتبطة بكل تخصص هي أيضًا من العناصر المهمة، فعلى سبيل المثال، يُتوقع من خريج التسويق أن يُجيد التعامل مع أدوات التحليل الرقمي، ومن خريج المحاسبة أن يتقن الأنظمة المحاسبية، ومن خريج الإعلام أن يعرف أدوات صناعة المحتوى وإدارة المنصات.

ونبّه إلى أن اكتساب هذه المهارات لا يُشترط أن يتم خلال المرحلة الجامعية، بل يمكن للخريج أن يسعى لتطوير نفسه بعد التخرج عبر الدورات التدريبية والورش العملية والتطبيقات الإلكترونية، مؤكدًا أن سوق العمل يُكافئ دائمًا من يملك روح المبادرة ويسعى لتعلم ما ينقصه دون انتظار.

وشدد على أهمية التحديث المستمر للمهارات، فالمجالات المهنية تشهد تطورات متسارعة، ومن يتوقف عن التطور يفقد قدرته التنافسية، لذلك فإن الاستثمار في الذات أصبح واجبًا لا خيارًا، وعلى الشباب أن يخصصوا وقتًا لتطوير مهاراتهم بشكل منتظم كجزء من خطتهم لبناء مستقبل مهني ناجح.

وأشاد المانع بجهود الجهات التعليمية والبرامج الحكومية في المملكة لدعم تأهيل الخريجين، لكنه أكد أن العبء الأكبر لا يزال على الفرد نفسه، إذ يجب أن يتحمل مسؤولية تطوير ذاته ومتابعة مستجدات سوق العمل، والسعي المستمر لتوسيع معارفه ومهاراته المهنية والرقمية واللغوية.

وقال إن بيئة الأعمال اليوم تتطلب من الموظف أن يكون جاهزًا منذ أول يوم عمل، ما يجعل صاحب المهارات الشاملة هو الأقرب للتوظيف، والأكثر قدرة على التكيف والتطور، موضحًا أن أصحاب العمل يفضلون توظيف من يحتاجون أقل قدر من التدريب الأولي، وقادرون على أداء المهام بكفاءة من البداية.

وختم المانع حديثه برسالة موجهة إلى الخريجين مفادها أن كل تخصص درسه الإنسان في الجامعة هو أساس مهم، لكنه يحتاج إلى دعم حقيقي بالمهارات الشخصية والفنية، التي تُثبت لصاحب العمل أن المتقدم ليس مجرد صاحب شهادة، بل مشروع موظف جاهز للإنتاج والإبداع والمساهمة في النجاح.

اقرأ ايضاً