السعودية ترفع مستوى الخدمة: المسجد النبوي يصبح مركزًا للإشعاع الحضاري والمعرفي.

تمكنت وكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي من إحداث نقلة نوعية في تجربة الزوار، من خلال إطلاق خمسة مواقع معرفية جديدة، تهدف إلى إثراء البُعد الثقافي والديني أثناء زيارة المسجد النبوي الشريف، هذه المبادرة تأتي في إطار سعي الوكالة لتحويل الرحلة الإيمانية إلى تجربة معرفية متكاملة تعكس عمق التاريخ الإسلامي.
المواقع المعرفية تم توزيعها بعناية في أروقة المسجد النبوي وساحاته، لتكون بمثابة محطات ثقافية تروي قصصًا من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وتُبرز ملامح العمارة الإسلامية، وتُقدم معلومات غنية حول تاريخ المدينة المنورة وأهم معالمها.
ولم تقتصر هذه النقاط المعرفية على الجانب التاريخي فقط، بل صُمّمت بطريقة تفاعلية، تتيح للزائر التفاعل مع محتواها المرئي والمسموع والرقمي، مما يجعل التجربة أكثر حيوية وشمولاً لكافة الفئات العمرية والثقافية، بما في ذلك غير الناطقين بالعربية.
إحدى هذه المحطات تسلط الضوء على تطور المسجد النبوي عبر العصور، بدءًا من تأسيسه على يد الرسول الكريم، مرورًا بمراحل التوسعة في العهدين الأموي والعباسي، وصولاً إلى التوسعات الكبرى في عهد الدولة السعودية الحديثة، مع عرض مرئي يوثق التغيرات.
بينما تتناول محطة أخرى الجوانب المعمارية للمسجد، مثل النقوش والزخارف والقِباب، موضحةً كيف عكست هذه التفاصيل روعة الفن الإسلامي والتزامه بالجمال المتناغم مع الروحانية، ما يضفي على الزيارة طابعًا تأمليًا عميقًا.
كما خصصت الوكالة أحد المواقع لسرد أبرز الأحداث التاريخية التي وقعت في محيط المسجد النبوي، معتمدة على مصادر موثوقة ومحتوى ميسر يسهل على الزائر إدراك السياق الزمني لتلك الأحداث وتأثيرها في مسار الدعوة الإسلامية.
ولم تغفل هذه التجربة الحديثة الجانب التعليمي، إذ وفرت محطات تشرح للأطفال بأسلوب مبسط مبادئ الدين وأخلاق النبي، من خلال شاشات ذكية وعروض ثلاثية الأبعاد تُقدم باللغة العربية والإنجليزية، مما يُسهم في تربية جيلٍ واعٍ ومحبّ لسيرة النبي.
وقد لاقت هذه المبادرة استحسان الزوار الذين عبروا عن دهشتهم بجودة التنظيم وعمق المعلومات المقدمة، مؤكدين أن هذه النقاط أضافت بُعدًا جديدًا لتجربتهم داخل المسجد، حيث انتقلوا من مجرد أداء العبادة إلى التفاعل مع التاريخ الحي.
وفي إطار التنظيم، حرصت الوكالة على توفير مرشدين متخصصين قرب هذه المواقع المعرفية، يتحدثون بعدة لغات لتيسير الشرح والتفاعل مع الزوار من مختلف أنحاء العالم، بما يعكس روح الانفتاح والتواصل التي يتبناها الحرم النبوي.
وتأتي هذه الخطوة ضمن خطة أوسع لتطوير تجربة الحجاج والمعتمرين، وتحويل المدينة المنورة إلى مركز إشعاع حضاري يجمع بين قداسة المكان، وغنى المعرفة، وسلاسة التقنية، بما يتوافق مع مستهدفات رؤية السعودية 2030.
وقد تم توثيق هذه المواقع بالصور والفيديوهات التي نُشرت عبر منصات التواصل الرسمية للرئاسة، ما ساعد على انتشار الفكرة وجذب المزيد من الزوار لاستكشاف هذه التجربة الفريدة ضمن رحلتهم الإيمانية.
يُذكر أن الوكالة تعمل على تحديث هذه المواقع بشكل دوري، بإضافة محتويات جديدة تستند إلى أبحاث علمية موثقة، لتبقى هذه المحطات نابضة بالمعلومة ومواكبة للتطورات في وسائل العرض والتفاعل البصري والسمعي.
هذا المشروع ليس مجرد مبادرة إعلامية، بل هو جزء من استراتيجية متكاملة تهدف إلى تعزيز ارتباط المسلمين بتاريخهم الديني من خلال تجربة معاصرة تعكس الاعتزاز بالتراث وتقدير المعرفة، في قلب ثاني أقدس مكان في الإسلام.
في النهاية، تُمثل هذه النقاط المعرفية علامة فارقة في تطوير خدمة الزوار، وتُجسد روح التجديد داخل المسجد النبوي، حيث يلتقي الإيمان بالعلم، وتُروى الحكايات من رحم القداسة، ضمن إطار عصري يليق بمكانة المدينة المنورة.