عيون لا تنام .. تقنية وطنية سعودية جديدة لحفظ الأمن على الحدود

تقنية وطنية سعودية جديدة لحفظ الأمن على الحدود.
كتب بواسطة: سماء سالم | نشر في 

في خطوة استراتيجية جديدة نحو تعزيز القدرات الوطنية في حماية الحدود، كشفت المديرية العامة لحرس الحدود في المملكة العربية السعودية عن اعتمادها لنظام “زالي”، وهو أحد أحدث الأنظمة التقنية المطورة محليًا، في إطار جهودها المتواصلة لرفع كفاءة منظومتها الأمنية الميدانية، وضمان سرعة الاستجابة لمختلف الأحداث الطارئة التي قد تطرأ على الحدود.

ويحمل النظام اسمًا مستوحًى من زرقاء اليمامة، الشخصية التاريخية المعروفة بحدة بصرها وبصيرتها، ليكون “زالي” تجسيدًا معاصرًا لتلك الدلالة الرمزية على الرؤية الثاقبة والاستشعار المبكر، حيث يعكس هذا الاسم مزيجًا من القوة التقنية والدلالة التراثية، ما يضيف بعدًا رمزيًا يعزز مكانته ضمن المنظومة الأمنية السعودية.

ويمثل النظام الجديد نقلة نوعية في أساليب العمل الميداني لحرس الحدود، فهو ليس مجرد منظومة مراقبة رقمية، بل هو نظام متكامل يمكّن الفرق الأمنية من تنفيذ مسح جغرافي دقيق للمواقع الحدودية، وتحديد الأهداف ورصد التحركات بدقة متقدمة، في مختلف الأوقات والظروف الجوية، بما في ذلك الأوقات الحرجة التي تشهد تقلبات مناخية حادة.

ويُعد “زالي” جزءًا من استراتيجية شاملة تسعى من خلالها الجهات الأمنية إلى دمج أحدث ما توصلت إليه التقنية في العالم مع احتياجات البيئة المحلية، بما يضمن استدامة الحماية وتعزيز السيادة على الحدود، دون الاعتماد على تقنيات مستوردة، بل بجهود وطنية تسعى إلى صناعة الأمن من الداخل، وفقًا لأعلى معايير الجودة والابتكار.

ويتميّز النظام بمرونته العالية وسرعته في التعامل مع المستجدات، حيث يُمكنه إرسال التنبيهات في الوقت الفعلي، مما يمنح وحدات حرس الحدود الفرصة الكاملة للتفاعل السريع مع أي تهديدات محتملة، أو حالات تسلل، أو تحركات مشبوهة، مع تقليص هامش الخطأ البشري إلى أدنى درجاته.

ويأتي إدخال “زالي” إلى الخدمة في وقت تشهد فيه المنطقة تحديات أمنية متزايدة، ما يجعل من تطوير أدوات الرصد والمراقبة أمرًا بالغ الأهمية، خاصة في ظل الطبوغرافيا المتنوعة التي تمتد على طول الحدود السعودية، وتفرض على الأجهزة الأمنية مستوى عالٍ من التأهب والابتكار في رصد التحركات والتعامل معها.

ويعتمد النظام على تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل الصور والمعلومات الجغرافية، مما يُمكنه من التعرف على الأنماط غير الاعتيادية أو التحركات التي قد تشير إلى اختراقات أمنية، كما أنه مدعوم بتقنيات متقدمة في الرؤية الليلية والتصوير الحراري، ما يمنحه تفوقًا في الرصد حتى في غياب الإضاءة الطبيعية.

وتعكس هذه الخطوة توجه المملكة نحو تعزيز الاعتماد على الكفاءات الوطنية في تطوير الأنظمة السيادية، حيث تم تصميم وتطوير “زالي” بأيادٍ سعودية، ما يُظهر حجم التقدم الذي أحرزته المملكة في مجالات التقنية والأمن السيبراني، ويضعها في مصاف الدول التي تُنتج أمنها من الداخل بكفاءة واستقلالية.

وتُعد حماية الحدود من المهام السيادية الحساسة التي توليها المملكة أهمية قصوى، في ظل محيط إقليمي متغير، وتحديات أمنية تتطلب استعدادًا دائمًا واستشعارًا مبكرًا للمخاطر، لذلك فإن تطوير أنظمة مثل “زالي” يُمثل ترجمة عملية لرؤية المملكة 2030 في قطاع الأمن والدفاع.

ومن المتوقع أن يُحدث النظام الجديد تحولًا في طريقة عمل الفرق الميدانية، حيث سيوفر لهم بيانات فورية وتحليلات دقيقة تدعم اتخاذ القرار في اللحظة المناسبة، وتقلل من الاعتماد على الأساليب التقليدية في المراقبة، مما يؤدي إلى توفير الجهد والوقت وزيادة فعالية الأداء الميداني.

كما يُسهم “زالي” في رفع الروح المعنوية لدى عناصر حرس الحدود، من خلال منحهم أدوات متطورة تعزز قدرتهم على أداء مهامهم بكفاءة أعلى، وتحد من المخاطر التي قد تواجههم، مما يجعلهم أكثر قدرة على التفرغ لمهامهم الأساسية دون القلق من ضعف الأدوات أو البطء في نقل المعلومات.

وتبرز أهمية هذا النظام في المناطق الحدودية الوعرة، التي كانت تتطلب جهودًا بشرية مضاعفة لمتابعتها، حيث يُمكن لـ “زالي” أن يغطي هذه المناطق بشكل آلي ودقيق، دون الحاجة إلى تواجد مستمر للعنصر البشري، ما يخفف من الضغوط الميدانية ويقلل من احتمالات الخرق الأمني.

وفي الوقت الذي تتسابق فيه دول العالم لتحديث منظوماتها الأمنية باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والأنظمة الذكية، تثبت المملكة قدرتها على المساهمة في هذا السباق من موقع الفاعل والمبتكر، لا المتلقي فقط، حيث يُعد “زالي” واحدًا من ثمار الاستثمار في العقول والكفاءات السعودية الشابة.

ويعكس النظام رؤية استراتيجية أوسع لتقليل الاعتماد على الأنظمة الأجنبية، وتوطين الصناعات العسكرية والأمنية بما يتماشى مع الأهداف الوطنية في الأمن والاستقلال التقني، حيث يُعد هذا التوجه من صميم السياسات التي تنتهجها المملكة لتعزيز أمنها السيادي في مختلف القطاعات.

ويعتمد “زالي” على شبكة ربط تقني تؤهله للعمل بتناغم مع باقي المنظومات الدفاعية والرقمية، مما يعزز من قدرته على إرسال البيانات والمعلومات بشكل آمن ومشفّر إلى الجهات المعنية، دون التأثر بمحاولات التشويش أو الاختراق الإلكتروني.

ولا تقتصر فوائد النظام على الحدود فقط، بل يمكن توسيع نطاق استخدامه في مجالات أخرى كحماية المنشآت الحيوية، أو تأمين الفعاليات الكبرى، بفضل مرونته العالية وقدرته على التكيف مع مختلف السيناريوهات الأمنية، وهو ما يجعله خيارًا مستقبليًا واعدًا للعديد من المؤسسات الأمنية.

وبهذه الخطوة، تُجدد المملكة التزامها بتطوير بنية أمنية متكاملة تعتمد على التقنية المحلية، وتعكس ثقتها بكوادرها الوطنية، وتُرسل رسالة واضحة مفادها أن حماية حدودها ليست فقط مسؤولية وطنية، بل أيضًا قصة نجاح تُكتب بأيادٍ سعودية.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية