في خطوة تثير الترقب .. الكويت تمهد لانضمام النساء إلى الجيش

الكويت تمهد لانضمام النساء إلى الجيش.
كتب بواسطة: فادية حكيم | نشر في 

تتجه الكويت نحو مرحلة جديدة في مسارها العسكري، حيث تستعد لأول مرة في تاريخها لفتح باب التسجيل أمام النساء للالتحاق بالخدمة العسكرية النظامية، في خطوة وُصفت بأنها تمثل تحولا لافتا في هيكل المؤسسة العسكرية، وتسعى من خلالها الدولة إلى تعزيز مبدأ تكافؤ الفرص بين الجنسين ضمن قطاعات الدولة كافة.

وقد عقدت كلية "علي الصباح" العسكرية اجتماعا خاصا يوم الاثنين، ناقشت خلاله الاستعدادات الفنية والإدارية المتعلقة بقبول النساء في صفوف الطلبة الضباط، كما ناقش الاجتماع آليات تنظيم استقبال طلبات الراغبات في الالتحاق، إضافة إلى الإطار الزمني المتوقع لتفعيل المرحلة الأولى من هذا المشروع.

ويأتي هذا التحرك الجديد بعد أن شهدت الفترة الماضية سلسلة اجتماعات رسمية على مستوى قيادات الجيش، أبرزها الاجتماع الذي عقده اللواء الركن طيار صباح الجابر الصباح، نائب رئيس الأركان العامة للجيش، في الرابع عشر من أبريل الماضي، والذي ناقش خلاله الجوانب القانونية والتنظيمية لدمج العنصر النسائي في المؤسسة العسكرية بشكل ممنهج ومستدام.

وأوضح اللواء الصباح خلال ذلك الاجتماع أن هذه الخطوة تتماشى مع عملية التحديث والتطوير الشامل التي يشهدها الجيش الكويتي في السنوات الأخيرة، لافتا إلى أن انخراط النساء في المهام العسكرية لم يعد ترفًا، بل ضرورة تفرضها تحولات العصر ومتطلبات الدولة الحديثة.

وأشار نائب رئيس الأركان إلى أن المرأة الكويتية أظهرت كفاءة مشهودة في مختلف مواقع العمل الحكومي والخاص، مؤكدا أن تواجدها في السلك العسكري سيسهم في تعزيز الأداء والجاهزية، خصوصا في التخصصات التي تتطلب دقة عالية وتدريبا خاصا، مؤكدا أن المؤسسة العسكرية تعمل على إعداد مسار تدريبي متكامل يلبي احتياجات ومتطلبات الخدمة العسكرية النسائية.

وتأتي هذه الخطوة بعد سنوات من الجدل السياسي والاجتماعي في البلاد بشأن إدماج النساء في الجيش، حيث تعود جذور القرار إلى أكتوبر من عام 2021، عندما أصدر وزير الدفاع الكويتي حينها، الشيخ حمد جابر العلي الصباح، قرارا تاريخيا بالسماح للنساء الكويتيات بدخول الخدمة العسكرية، وهو القرار الأول من نوعه في تاريخ الكويت.

إلا أن القرار قوبل حينها بموجة من ردود الفعل المتباينة داخل مجلس الأمة الكويتي، حيث تعرض وزير الدفاع في 18 يناير 2022 إلى استجواب برلماني تقدم بعده عشرة نواب بطلب طرح الثقة به، احتجاجا على قراره الذي رأوا فيه مخالفة للأعراف السائدة، ورغبة في فرض تغيير غير مقبول من دون توافق مجتمعي أو تشريعي.

ورغم أن الوزير تجاوز حينها التصويت على طرح الثقة في جلسة 26 يناير 2022، إلا أن الضغوط السياسية المتواصلة دفعت به إلى تقديم استقالته في 16 فبراير من نفس العام، متهما بعض النواب بممارسة "التعسف في استخدام الأدوات الدستورية"، مما أدى إلى تجميد المشروع مؤقتا.

وبالرغم من التحديات التي واجهها هذا التوجه، لم تغب فكرة دمج المرأة في الجيش عن أجندة المؤسسة العسكرية، إذ استمرت الجهود الداخلية لإعادة دراسة الملف بشكل أكثر عمقا، مع الأخذ بعين الاعتبار الملاحظات القانونية والدستورية والاجتماعية التي طرحت خلال النقاشات السابقة.

وفي الوقت الحالي، تشير التصريحات الرسمية إلى أن المشروع وصل إلى مراحله الأخيرة، حيث تعمل الجهات المعنية على وضع اللمسات النهائية على الإجراءات والأنظمة المعتمدة، تمهيدا للإعلان عن آلية التقديم والشروط المطلوبة، مع التركيز على توفير بيئة عمل تضمن الخصوصية والسلامة وتكافؤ الفرص لكافة المنضمين الجدد.

وتتجه الخطة الحالية، بحسب ما يتداول في الأوساط العسكرية، إلى تخصيص مجالات معينة لالتحاق النساء، مثل الأقسام الفنية والطبية والخدمات العسكرية المساندة، وهي نفس المجالات التي نص عليها قرار عام 2021، مع إمكانية التوسع التدريجي مستقبلا وفقا لحجم الإقبال ونتائج التجربة في مرحلتها الأولى.

ويأتي انضمام المرأة للجيش في إطار أوسع من الإصلاحات المؤسسية التي تشهدها الكويت، إذ تسعى الدولة إلى تجديد هياكل العمل الحكومي وإعادة النظر في أدوار القطاعات المختلفة، بما يتماشى مع المتغيرات الإقليمية والدولية وتوجهات التنمية المستدامة.

ورغم أن المجتمع الكويتي لا يزال منقسما حول مدى تقبل فكرة وجود المرأة في صفوف القوات المسلحة، إلا أن المؤشرات الحالية تعكس تغيرا تدريجيا في المواقف، خصوصا بين الأوساط الشبابية والحقوقية، التي تنظر إلى الخطوة بوصفها جزءا من تحقيق المساواة وتعزيز الدور الفاعل للمرأة في خدمة الوطن.

ولا تزال التفاصيل الدقيقة بشأن أعمار المتقدمات، ومدة الدورة التأهيلية، والتدرج في الرتب والمسؤوليات، قيد الدراسة من قبل الجهات المختصة، وسط توقعات بأن تصدر قرارات تفصيلية خلال الأسابيع المقبلة توضح الإطار الكامل للعملية.

ومن المنتظر أن تفتح أبواب التسجيل رسميا فور اعتماد الخطة التنفيذية بشكل نهائي، على أن يتم الإعلان عن ذلك عبر المنصات الرسمية، وسط ترقب كبير من جانب المواطنات المهتمات بالمشاركة في هذا المسار الجديد الذي قد يفتح لهن آفاقا مهنية غير مسبوقة.

وتعد الكويت من الدول الخليجية القليلة التي اتخذت خطوات فعلية لدمج النساء في الخدمة العسكرية، حيث سبقتها كل من الإمارات وقطر والبحرين والسعودية في تجارب متفاوتة، وهو ما يضع الكويت أمام تحدي التنفيذ الناجح واستيعاب المتغيرات المصاحبة لهذا التحول.

وفي حال تم تنفيذ المشروع بالشكل المأمول، فإن هذه الخطوة قد تمثل بداية مرحلة جديدة للمرأة الكويتية في مسار العمل الوطني، وتؤسس لنموذج قد تحتذي به بقية المؤسسات الرسمية في توسيع نطاق مشاركة النساء في القطاعات السيادية.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية