الصين تعفي السعوديين من التأشيرة: خطوة استراتيجية تعزز العلاقات الخليجية الصينية

في خطوة لافتة تعكس عمق الشراكة المتنامية بين الصين ودول الخليج، أعلنت وزارة الخارجية الصينية إعفاء المواطنين السعوديين من شرط تأشيرة الدخول إلى أراضيها، ابتداءً من 9 يونيو المقبل وحتى 8 يونيو من العام 2026.
والقرار الذي يأتي ضمن فترة تجريبية تمتد لعام كامل، يُمثل دفعة قوية نحو تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي بين الجانبين، ويُسهل من حركة الأفراد بين المملكة والصين.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، إن القرار لا يقتصر على المملكة العربية السعودية وحدها، بل يشمل كذلك مواطني سلطنة عُمان ودولة الكويت ومملكة البحرين، وسيُتاح لحاملي جوازات السفر من هذه الدول دخول الصين والإقامة فيها لمدة تصل إلى 30 يومًا دون الحاجة للحصول على تأشيرة مسبقة.
وأكدت نينغ، في تصريحات نقلتها صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية، أن هذه الخطوة تأتي في إطار سياسة الانفتاح الصينية على دول الخليج، وضمن جهود بكين لتسهيل التبادلات الشعبية والسياحية، ودعم العلاقات الثنائية على مختلف الأصعدة، سواء الاقتصادية أو الدبلوماسية أو الثقافية.
وتُعد هذه المبادرة جزءًا من توجه أوسع تبنته الصين مؤخرًا لتعزيز علاقاتها مع دول الشرق الأوسط، ولا سيما دول مجلس التعاون الخليجي، وقد شهدت العلاقات الصينية-السعودية على وجه الخصوص نموًا متسارعًا في السنوات الأخيرة، شمل مجالات الطاقة والاستثمار والبنية التحتية والتكنولوجيا والتعليم.
ويأتي هذا الإجراء بعد أشهر قليلة من توقيع عدة اتفاقيات استراتيجية بين المملكة العربية السعودية والصين، على هامش زيارات رفيعة المستوى بين الجانبين، كما يأتي في وقت تُبدي فيه الصين اهتمامًا متزايدًا بتوسيع دائرة شراكاتها في المنطقة، في ظل المتغيرات الجيوسياسية التي يشهدها العالم.
وكانت الصين قد بدأت خلال العام الماضي في تطبيق إجراءات مماثلة مع عدد من الدول الأوروبية والآسيوية، في إطار استراتيجيتها لجذب السياحة والاستثمار، وإعادة تنشيط حركة السفر الدولية بعد تداعيات جائحة كورونا.
ومن جهة أخرى، يُمثل القرار الصيني مكسبًا للمواطنين السعوديين، سواء على مستوى تسهيل السياحة أو دعم الأعمال والاستثمارات، فالصين تُعد من أكبر الشركاء التجاريين للمملكة، ويُقيم فيها آلاف الطلاب ورجال الأعمال السعوديين، وتخفيف قيود السفر يُسهم بلا شك في تعزيز هذا التواصل وتوسيع آفاق التعاون.
كما يُسهم هذا الإجراء في تحفيز التبادل الثقافي بين الشعبين، ويُشجع على نمو السياحة التعليمية والعلاجية، خاصة في ظل ما تُوفره الصين من بنية تحتية حديثة ومؤسسات تعليمية وطبية متقدمة.
وتحمل هذه الخطوة بُعدًا سياسيًا لا يقل أهمية عن بعدها الاقتصادي، فهي تُشير إلى مستوى الثقة المتبادل بين الصين والدول الخليجية، وإلى رغبة بكين في ترسيخ مكانتها كشريك موثوق في المنطقة، بعيدًا عن محاور الاستقطاب الدولية.
ويرى مراقبون أن منح الإعفاءات بهذه الصورة المتزامنة لأربع دول خليجية يُعد رسالة واضحة على أن الصين تنظر إلى منطقة الخليج كوحدة استراتيجية متكاملة، وتُخطط لإقامة علاقات أوسع معها، قائمة على المصالح المشتركة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
ومن المتوقع أن يُقابل القرار بترحيب واسع من قبل الأوساط الاقتصادية والسياحية في المملكة، لا سيما وأنه يُسهل على رجال الأعمال والمستثمرين السعوديين الوصول إلى السوق الصينية، التي تُعد من أكبر وأسرع الأسواق نموًا في العالم.
كما من المنتظر أن تُعلن شركات الطيران ومكاتب السياحة في المملكة عن عروض جديدة تسهّل على السعوديين زيارة الصين، خاصة في ظل رفع العوائق البيروقراطية المرتبطة بالحصول على التأشيرات.
ويعكس قرار الصين إعفاء السعوديين من التأشيرة رغبة حقيقية في توسيع جسور التواصل مع المملكة ودول الخليج، ويُعد خطوة إضافية في مسار شراكة استراتيجية واعدة تتجه نحو المزيد من التكامل، وفي الوقت الذي تُعيد فيه الدول ترتيب أولوياتها في عالم متغيّر، تبرز هذه القرارات كأمثلة حية على دبلوماسية ذكية تقوم على الانفتاح والمصالح المشتركة.
ويبقى أن تُترجم هذه الخطوة إلى مشاريع ملموسة تُعزز من الحضور الخليجي في الصين، وتُقوي من مسار العلاقات الثنائية التي تشهد اليوم واحدة من أهم مراحل تطورها التاريخي.
- تصريح مدوٍ من صلاح: كنت سأذهب إلى السعودية لولا تجديد ليفربول
- تحذير سعودي قاطع: لا حج بدون تصريح رسمي
- برواتب تصل 8,250 ريال.. برامج تدريبية منتهية بالتوظيف في هيئة التخصصات الصحية
- تعليق قانوني على إصلاحات مركز التحكيم السعودي وتأثيرها على نادي الهلال
- تطبيق الدوام الشتوي في مدارس منطقة الحدود الشمالية ابتداءً من هذا الموعد