الكويت تُطلق أول محطة خليجية لرصد ارتفاع مستوى البحر: خطوة علمية لمواجهة التغير المناخي

الكويت تُطلق أول محطة خليجية لرصد ارتفاع مستوى البحر.
كتب بواسطة: احمد عادل | نشر في 

في إنجاز علمي جديد يعزز من مكانة الكويت في مجال الأبحاث البيئية والمناخية، أعلن معهد الكويت للأبحاث العلمية، يوم الإثنين، عن تدشين أول محطة خليجية متخصصة في قياس ارتفاع مستوى سطح البحر بدقة لحظية، تحت اسم "محطة الكويت لقياس ارتفاع مستوى سطح البحر".

وتأتي هذه الخطوة ضمن استراتيجية الدولة لمواجهة التحديات البيئية المتزايدة المرتبطة بالتغير المناخي، ودعم خطط التنمية المستدامة، وحماية الشريط الساحلي للبلاد من التأثيرات المستقبلية المحتملة.

وأوضح معهد الكويت للأبحاث العلمية، في بيان رسمي، أن المحطة الجديدة تم إنشاؤها بواسطة مركز أبحاث البيئة والعلوم الحياتية التابع له، وهي تُعد الأولى من نوعها على مستوى منطقة الخليج العربي، من حيث التكنولوجيا المستخدمة والدقة الزمنية في رصد التغيرات اللحظية لمستوى سطح البحر.

وأكد المعهد أن الهدف الرئيسي من إنشاء هذه المحطة هو تعزيز قدرة الدولة على مراقبة ومتابعة الارتفاعات والانخفاضات في مستوى البحر بشكل آني، وتوفير بيانات دقيقة تسهم في دعم جهود التخطيط الساحلي، وحماية البنية التحتية الحيوية الممتدة على طول السواحل الكويتية، لاسيما في ظل تسارع الظواهر المناخية مثل ذوبان الجليد القطبي وارتفاع درجات الحرارة العالمية.

وتُعد قضية ارتفاع مستوى سطح البحر من أبرز التحديات البيئية التي تواجه العالم، خاصة بالنسبة للدول ذات السواحل المنخفضة، إذ تشير تقارير دولية إلى أن استمرار هذا الارتفاع، الناتج عن التغير المناخي، قد يؤدي إلى غمر أجزاء من المدن الساحلية خلال العقود المقبلة، وفي هذا السياق، تسعى الكويت إلى اتخاذ تدابير وقائية مبكرة من خلال الاستثمار في البنية التحتية البحثية والعلمية، لتعزيز قدرتها على التنبؤ بالتغيرات المستقبلية.

وأشار معهد الكويت للأبحاث العلمية إلى أن المحطة ستوفر بيانات لحظية ومستمرة على مدار الساعة، مما يمكن الجهات الحكومية، وخصوصًا وزارات الأشغال والبلدية والبيئة، من التخطيط بشكل أدق للمشاريع الساحلية الجديدة، وتحديث الخرائط البحرية، وتقدير مدى المخاطر التي قد تهدد المناطق السكنية والصناعية القريبة من الساحل.

وتعتمد "محطة الكويت لقياس ارتفاع مستوى سطح البحر" على تقنيات عالية الدقة تعمل من خلال مستشعرات متقدمة تُسجل التغيرات في مستوى المياه بشكل فوري، وترسل هذه البيانات إلى مركز الأبحاث لتحليلها، وبناء نماذج تنبؤية تعتمد على معايير علمية عالمية، كما تم ربط المحطة بنظام إلكتروني يسمح بتخزين البيانات ومشاركتها مع الجهات المعنية وصنّاع القرار.

وتُعد هذه المبادرة جزءًا من جهود أوسع ينفذها مركز أبحاث البيئة والعلوم الحياتية التابع للمعهد، الذي يعمل على تنفيذ سلسلة من المشاريع الرامية إلى دراسة النظم البيئية الساحلية، والتنوع البيولوجي، والتأثيرات البيئية الناجمة عن الأنشطة البشرية، والتغير المناخي في المنطقة.

وقد لاقت هذه الخطوة إشادة من قبل العديد من المختصين والباحثين في المجال البيئي، الذين اعتبروا أن إنشاء هذه المحطة يمثل نقلة نوعية في قدرة الكويت على التعامل مع التحديات المناخية المتوقعة، وأن البيانات التي ستُنتجها ستكون مرجعًا مهمًا للبحوث والدراسات العلمية في المنطقة.

ويرى مراقبون أن هذا الإنجاز يفتح الباب أمام تعاون إقليمي بين دول مجلس التعاون الخليجي في مجال رصد التغيرات البحرية والمناخية، خاصة وأن المنطقة تعتمد بشكل كبير على سواحلها في مجالات الاقتصاد، والصناعة، والنقل البحري، والطاقة.

كما يُتوقع أن يسهم المشروع في رفع وعي المجتمع حول المخاطر المحتملة لارتفاع مستوى سطح البحر، ويعزز من ثقافة الاستعداد المبكر لدى الجهات المعنية، لتفادي الخسائر البشرية والمادية في حال حدوث تغيرات مفاجئة في البيئة الساحلية.

وتأتي هذه المبادرة ضمن سلسلة من المشروعات التي أطلقتها الكويت في السنوات الأخيرة لتعزيز الأمن البيئي وتحقيق الاستدامة، فالكويت، رغم التحديات المناخية الصعبة التي تواجهها، تسعى باستمرار إلى تطوير منظومة علمية متقدمة تُمكّنها من اتخاذ قرارات قائمة على الأدلة، وتضع البيئة ضمن أولوياتها الوطنية، تماشيًا مع رؤيتها التنموية الشاملة.

وكان معهد الكويت للأبحاث العلمية قد لعب دورًا محوريًا خلال العقود الماضية في دعم جهود الدولة نحو التنمية البيئية والعلمية، من خلال إجراء دراسات ميدانية، وتطوير حلول تقنية، وتعزيز التعاون مع مراكز أبحاث عالمية، وهو ما يعزز من مكانة الكويت كمركز إقليمي للبحث العلمي في الخليج.

وبإطلاقها أول محطة خليجية متخصصة في رصد مستوى سطح البحر بدقة لحظية، تثبت الكويت مجددًا التزامها بمواجهة التحديات البيئية من خلال أدوات علمية دقيقة واستراتيجيات استباقية.

ويشكل هذا المشروع حجر زاوية في مساعي الدولة لحماية سواحلها، وضمان استمرارية مشاريعها التنموية، وتقديم نموذج يحتذى به إقليميًا في مجال الاستعداد لتغيرات المناخ، ومع استمرار العمل البحثي وتوسع نطاق المشاريع البيئية، تبدو الكويت ماضية بخطى واثقة نحو مستقبل أكثر استدامة وأمانًا.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية