قرار أردني يفتح باب العودة إلى سوريا: تسهيلات جديدة للمواطنين وانطلاق أولى قوافل اللاجئين

في خطوة تُعد تحولًا مهمًا في السياسة الحدودية بين الأردن وسوريا، أعلنت وزارة الداخلية الأردنية، يوم الأحد، عن السماح لمواطنيها بالسفر براً إلى سوريا دون الحاجة إلى الحصول على موافقة مسبقة، وذلك عبر مركز حدود جابر/نصيب، بدءاً من اليوم.
ولقرار جاء بالتزامن مع انطلاق أولى قوافل العودة الطوعية للاجئين السوريين إلى ديارهم، في مؤشر على تحسن نسبي في الوضع الأمني داخل سوريا، وتنامي التنسيق بين عمان ودمشق.
وقالت وزارة الداخلية الأردنية، في بيان رسمي، إن القرار يأتي ضمن سياق التحديث المستمر للإجراءات الحدودية، بما يتماشى مع السياسات المعمول بها في باقي المعابر الدولية للمملكة.
وأوضحت الوزارة أن القرار لا يشمل السفر عبر السيارات الخاصة، وإنما يقتصر على وسائل النقل العامة المرخصة فقط، مؤكدة على ضرورة الالتزام بالإجراءات الأمنية والتعليمات المحددة داخل المعابر الحدودية، لضمان انسيابية حركة العبور وسلامة المواطنين.
وشددت الداخلية الأردنية على أن السماح بالسفر لا يعني تجاوز القوانين أو التفريط بالإجراءات الأمنية، مشيرة إلى أن القرار مشروط بعدم وجود موانع أمنية أو قانونية تحول دون سفر أي مواطن، كما دعت المسافرين إلى التعاون مع الكوادر المختصة في المعابر، لتسهيل عمليات العبور والتفتيش، وتفادي أي تأخير محتمل.
والقرار الأردني لم يكن وليد اللحظة، إذ سبقه مطالب متكررة من أعضاء في مجلس النواب، أبرزهم رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية، خالد أبو حسان، الذي دعا مرارًا إلى إلغاء شرط الموافقة المسبقة للأردنيين الراغبين في زيارة سوريا، خاصة في ظل تحسن الوضع الأمني داخل الأراضي السورية، وعودة العديد من اللاجئين بشكل طوعي في الآونة الأخيرة.
ويُشار إلى أن الأردن كان قد أغلق معبر جابر الحدودي مع سوريا في 6 ديسمبر 2024، عقب تصاعد المعارك بين فصائل المعارضة السورية وقوات النظام في محيط المعبر.
وأعقب ذلك سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وهو ما تسبب حينها في موجة من الحذر الأمني الأردني تجاه الجار الشمالي، خاصة بعد تسجيل حوادث اختطاف تعرض لها مواطنون أردنيون داخل الأراضي السورية.
ومع استقرار الأوضاع نسبياً وعودة العمل في معبر جابر على مدار الساعة منذ مارس الماضي، بدأت السلطات الأردنية مراجعة سياساتها تدريجيًا، وصولًا إلى القرار الأخير الذي يفتح الباب أمام تنقل الأفراد مجددًا عبر الحدود البرية.
وبالتزامن مع إعلان وزارة الداخلية، انطلقت يوم الأحد أيضًا أولى قوافل العودة الطوعية للاجئين السوريين من داخل الأراضي الأردنية، وتحديدًا من مخيم "مريجيب الفهود" المعروف بالمخيم الإماراتي، الواقع شرقي المملكة، وشملت القافلة 64 عائلة سورية، بإجمالي عدد أفراد تجاوز 350 شخصًا، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفق ما أفادت به قناة "المملكة" الرسمية.
والقافلة اتجهت نحو مدينة الصنمين في ريف درعا، ضمن مبادرة إنسانية تمت بالتنسيق الكامل مع الجهات الرسمية الأردنية، وبدعم من منظمات دولية ومحلية، وتُعد هذه القافلة هي الرابعة عشرة ضمن برنامج "عودة المهجرين السوريين"، لكنها الأولى التي تنطلق من الأراضي الأردنية، ما يعطيها بعدًا رمزيًا إضافيًا في سياق العلاقة الأردنية السورية المتجددة.
وبحسب المصادر، فإن قوافل العودة ستتواصل خلال الأيام المقبلة، بهدف إتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن من اللاجئين الراغبين بالعودة الطوعية إلى سوريا، خاصة أولئك الذين يشعرون أن الوقت أصبح مناسبًا للرجوع إلى ديارهم بعد سنوات من التهجير.
الأردن يُعد من أكثر الدول تأثرًا بالأزمة السورية التي اندلعت في العام 2011، إذ يستضيف حاليًا ما يقارب مليونًا و300 ألف لاجئ سوري، من بينهم نحو 660 ألفًا مسجلون رسميًا لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وتوزّع هؤلاء اللاجئون بين المخيمات الرسمية مثل الزعتري والأزرق، والمدن الأردنية الكبرى كعمّان وإربد والمفرق.
ورغم التحديات الاقتصادية التي تواجهها المملكة، حافظت عمان على سياسة منفتحة نسبيًا تجاه اللاجئين السوريين، مقدمةً لهم خدمات تعليمية وصحية ودعماً إنسانياً بالتعاون مع المجتمع الدولي، ومع بداية موجات العودة الطوعية، تشير بيانات وزارة الداخلية الأردنية إلى أن أكثر من 44 ألف لاجئ سوري غادروا المملكة بشكل طوعي إلى سوريا منذ 2018.
ويفتح القرار الأردني بالسماح بالسفر دون موافقة مسبقة، وتزامنه مع بدء عودة اللاجئين، الباب أمام تحولات أكبر في العلاقة بين عمان ودمشق، فرغم توتر العلاقات خلال السنوات الماضية بسبب موقف الأردن من النظام السوري، إلا أن المؤشرات الأخيرة تُظهر تنامي رغبة البلدين في استعادة قنوات التعاون الأمني والاقتصادي، خاصة في ظل الأزمات الإقليمية المتلاحقة التي تتطلب تنسيقًا ثنائيًا أكبر.
كما يمكن أن يُسهم تسهيل الحركة عبر المعابر الحدودية في تحفيز التجارة البرية بين الجانبين، لا سيما وأن سوريا كانت تاريخيًا من أهم الممرات التجارية للصادرات والواردات الأردنية نحو لبنان وتركيا وأوروبا الشرقية.
وبين قرار يسمح بالسفر من دون موافقات مسبقة، وقافلة لاجئين تعود طوعًا إلى وطنها، يبدو أن العلاقات الأردنية السورية تدخل مرحلة جديدة من البراغماتية الواقعية، تتجاوز سنوات القطيعة والشك، نحو تنسيق مدروس يوازن بين الضرورات الأمنية والاعتبارات الإنسانية، ويُنتظر أن يتضح في الشهور المقبلة ما إذا كانت هذه الخطوات مقدمة لانفتاح أوسع، يشمل ملفات أكثر تعقيدًا ترتبط باللاجئين، والمياه، والطاقة، والتبادل التجاري.
- في خطوة نوعية لتعزيز تنظيم الحج: 6 خرائط تفاعلية لتسهيل تنقلات الحجاج خلال موسم حج 1446
- تمهيدًا لتحديد موعد أعظم شعائر الإسلام: المحكمة العليا تدعو المسلمين لتحري هلال ذي الحجة
- تستمر للثلاثاء القادم.. جولة أمطار جديدة مع تدني في الحرارة مع دخول الشتاء
- تحت شعار عالم التمور.. وزارة البيئة السعودية تفتتح المعرض الدولي للتمور
- يأتي في الصدارة.. تعرف على تقييم الطيران المدني لمطارات المملكة في الالتزام بمعايير التشغي