"ستارجيت الإمارات": شراكة إماراتية أميركية لقيادة مستقبل الذكاء الاصطناعي عالميًا

أعلنت شركة "أوبن إيه آي" (OpenAI)، إحدى أبرز الشركات الرائدة عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي، عن إطلاق أول توسع دولي لمنصتها للبنية التحتية "ستارجيت" (Stargate)، من خلال مشروع جديد يحمل اسم "ستارجيت الإمارات" (Stargate UAE)، والذي سيُنفذ بالتعاون مع مجموعة "جي 42" الإماراتية، وبدعم من الحكومة الأميركية، وذلك في خطوة توصف بأنها تحول نوعي في مستقبل التكنولوجيا والتحالفات الاستراتيجية في المنطقة.
ويعد المشروع، الذي تم الإعلان عنه رسميًا يوم السبت 24 مايو 2025، استثماراً متبادلاً بين الطرفين، يهدف إلى تسريع تبني واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في المنطقة والعالم، ويشمل إنشاء مركز حوسبة عملاق في العاصمة الإماراتية أبوظبي بقدرة 1 جيجاواط، إلى جانب تمويل إماراتي لإنشاء منشآت متقدمة مماثلة داخل الولايات المتحدة، ما يعكس مستوى التعاون العميق بين البلدين في المجالات التقنية والاقتصادية.
وتأتي هذه الخطوة في إطار شراكة أوسع بين "أوبن إيه آي" و"جي 42"، تمثل بداية فصل جديد في العلاقات الثنائية الإماراتية-الأميركية في مجالات التقنية والذكاء الاصطناعي، لاسيما بعد إعلان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عن حزمة اتفاقيات تقنية خلال زيارته الأخيرة إلى الإمارات.
وفي هذا السياق، صرّح بنغ شياو، الرئيس التنفيذي لمجموعة "جي 42"، أن المشروع "يعزز نقل فوائد الذكاء الاصطناعي إلى الاقتصادات والمجتمعات في العالم"، مؤكدًا أن "ستارجيت الإمارات" يمثل نقطة تحول استراتيجية في التعاون التكنولوجي العالمي، ومحفزاً رئيسياً للابتكار المستدام.
ومن جانبه، أعرب سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة "أوبن إيه آي"، عن تفاؤله بما سيحققه هذا المشروع من نتائج، قائلاً: "نحن على يقين بأن بعضاً من أهم الابتكارات في هذا العصر -مثل الأدوية الأكثر أمانًا، والتعليم المخصص، والطاقة الحديثة- ستنطلق من مثل هذه المراكز، لتعود بالنفع على البشرية جمعاء".
ومن المتوقع أن تكون "ستارجيت الإمارات" واحدة من أكبر منشآت الحوسبة للذكاء الاصطناعي في العالم خارج الولايات المتحدة، إذ ستمتد المنشأة الجديدة على مساحة 10 أميال مربعة، ضمن مجمع مشترك إماراتي-أميركي للذكاء الاصطناعي في أبوظبي.
وسيعمل المركز بقدرة تشغيلية تصل إلى 5 جيجاواط، وسيعتمد في طاقته على مزيج من المصادر المتجددة والتقليدية، تشمل الطاقة الشمسية، والطاقة النووية، والغاز الطبيعي، في خطوة استراتيجية تهدف إلى تقليل البصمة الكربونية للمشروع ودعمه للاستدامة البيئية.
ووفق الجدول الزمني المعلن، من المتوقع أن يبدأ تشغيل أول تجمع حوسبي بسعة 200 ميجاواط بحلول عام 2026، حيث ستتولى "أوبن إيه آي" و"أوراكل" إدارة العمليات التشغيلية، بينما تتولى "جي 42" مهمة البناء والتنفيذ.
وبحسب تصريحات الشركة، ستغطي منشأة "ستارجيت الإمارات" دائرة جغرافية نصف قطرها 2000 ميل، وهو ما يعادل وصول خدماتها إلى نحو نصف سكان العالم، مما يجعل من المشروع منصة حيوية لتوسيع تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتقديم حلول حوسبة متطورة للقطاعين العام والخاص في الشرق الأوسط، وجنوب آسيا، وأجزاء من أفريقيا وأوروبا.
ومن أبرز النقاط التي تضمنتها الاتفاقية، أن دولة الإمارات ستكون أول دولة في العالم تُفعّل تقنيات "تشات جي بي تي" (ChatGPT) على مستوى وطني، ما يفتح الباب أمام تطبيقات واسعة النطاق في مجالات حيوية مثل الحوكمة الرقمية، والرعاية الصحية، والتعليم، والطاقة، والنقل الذكي.
ويُنظر إلى هذا القرار باعتباره جزءاً من استراتيجية الإمارات لتبني الذكاء الاصطناعي كمحور رئيسي في التحول الرقمي، حيث تعمل الدولة على دمج التقنيات المتقدمة في منظومة الخدمات الحكومية والقطاعات الاقتصادية الرئيسية.
وتشارك في تطوير المشروع شركات عالمية مرموقة، من بينها "أوراكل" المتخصصة في الحوسبة السحابية، و"إنفيديا" الرائدة في تصميم معالجات الذكاء الاصطناعي، و"سوفت بنك" اليابانية، و"سيسكو سيستمز"، ما يعكس الاهتمام الدولي الواسع بهذا التحالف، ويؤكد مكانة أبوظبي كمركز إقليمي وعالمي للابتكار التكنولوجي.
ويأتي مشروع "ستارجيت الإمارات" أيضاً في ظل توجه إماراتي أوسع لدعم الاقتصاد الأميركي من خلال استثمارات ضخمة، حيث كانت الحكومة الإماراتية قد أكدت مؤخراً التزامها بضخ استثمارات تصل قيمتها إلى 1.4 تريليون دولار في الولايات المتحدة خلال السنوات القادمة، وهو ما يعزز التفاهمات المشتركة بين البلدين في مجالات الاقتصاد، والتكنولوجيا، والطاقة.
وبإطلاق "ستارجيت الإمارات"، تكون الإمارات قد خطت خطوة كبيرة نحو تعزيز ريادتها في مجال الذكاء الاصطناعي على مستوى المنطقة والعالم، مستفيدة من تحالفاتها الاستراتيجية، وبنيتها التحتية المتطورة، ورؤيتها المستقبلية للتحول الرقمي والاقتصاد المعرفي.
ويُنتظر أن يُحدث هذا المشروع أثراً ملموساً في رسم خريطة جديدة لتوزيع القدرات الحوسبية عالمياً، وتوسيع فرص استخدام الذكاء الاصطناعي لخدمة المجتمعات، ودعم الاقتصاد، وتحقيق الاستدامة.