لسد العجز.. التعليم السعودي يمنح تراخيص مؤقتة للمعلمين البدلاء في أغلب التخصصات

التعليم السعودي
كتب بواسطة: زكريا الحاج | نشر في 

اعتمدت وزارة التربية والتعليم السعودية قرارًا جديدًا يسمح بمنح تراخيص تدريس لمتخصصين من تخصصات مجاورة في حال غياب الكادر التعليمي الأصلي، وذلك لتلبية احتياجات المدارس دون تأخير في العملية التعليمية، ويأتي هذا القرار في إطار جهود الوزارة لتحسين جودة التدريس وضمان استمراريته في جميع المناطق.

وتقوم الآلية على قاعدة تقييم دقيقة تشمل تحديد العدد المطلوب من التخصصات الناقصة في كل مدرسة، وفتح باب التسجيل أمام المعلمين الذين يحملون مؤهلات ذات علاقة وثيقة بالمواد المطلوبة، مع تمكينهم من التدريس بشكل مؤقت، حتى يتم التعاقد مع المتخصصين الأصليين.

ويتم اختيار المعلمين البدلاء من الكفاءات الموجودة لدى المدارس أو من الميدان التعليمي العام، الذين يتوفر لديهم مؤهل تربوي أو علمي في تخصص قريب من المادة الفعلية، وتتولى الوزارة إجراء مقابلات سريعة وتدريب مكثف لهم قبل بدء العمل.

ويترتب على ذلك إعداد لوائح تنفيذية تحدد نسب المواد التي يُسمح فيها بالتدريس من قبل غير المتخصصين، ويقتصر عملهم عادة على المرحلة الثانوية والفصول ذات الطلب المنخفض، بينما تُفضل الوزارة وجود المتخصصين في الفئات العمرية الأصغر لضمان جودة التعليم المبكر.

وتشترط الآلية الجديدة أن تتاح للمعلم البديل خطط دراسية معدة مسبقًا من المعلم المتخصص أو من الوزارة نفسها، مع متابعة دورية من مشرف تربوي يتم تعيينه للحالة، لضمان عدم وجود أي خلل في المستوى أو تسرب للمعلومات الخاطئة.

كما نص القرار على إجراء تقييم شهري يضم قيادات المدرسة وممثلين من الإدارة التعليمية، إلى جانب استبيانات من الطلاب وأولياء الأمور، لتحديد مدى رضا المجتمع التعليمي عن جودة التدريس في هذا الوضع المؤقت.

وتزامن هذا الإجراء مع بداية العام الدراسي الجديد، وذلك بعد رصد تفاوت في توفر المعلمين في بعض التخصصات العلمية واللغة الإنجليزية في مدارس نائية أو ذات كثافة طلابية منخفضة، ما دفع بالوزارة لاتخاذ خطوة تسهم في سد العجز مؤقتًا.

ويشمل القرار أيضًا منح معلمي البدائل حوافز مالية إضافية مرتبطة بعدد الحصص ومدة التعاقد مع إمكانية ترشيحهم للابتعاث أو الدورات التخصصية في المستقبل لتعويض النقص في التخصص الأصلي.

وقد رحّبت بعض إدارات التعليم المحلية بالقرار، معتبرة أن وجود آلية واضحة يمنحهم إمكانية التصرف بسرعة ومعالجة النقص دون تعطيل العملية الدراسية في المدارس التي تعاني من هذا العجز المفاجئ.

ومن جهة أخرى أوضح بعض المعلمون أن ذلك يوفر لهم فرصة للمشاركة في مجالات جديدة ويتيح لهم اكتساب مهارات ميدانية عربية لم يكن ليحصلوا عليها لو ظلوا مقتصرين على تخصصاتهم الأساسية فقط.

لكن بعض أولياء الأمور عبروا عن خشيتهم من فقدان العمق في المحتوى التربوي للطلاب، خصوصًا في هذا الوضع المؤقت، وطلبوا أن يكون التعاقد لفترة محددة للغاية وتحت رقابة صارمة لضمان الجودة.

وأكد عدد من الخبراء التربويين أن الآلية إذا نفذت بروح شفافة ومرنة فستعزز قدرة النظام التعليمي على مواجهة الأعطال الطارئة، بينما قد تؤثر سلبًا على التحصيل الأكاديمي إذا سمحت بإغفال تدريسي في المواد الأساسية.

كما نص القرار على تشكيل لجنة مركزية في الوزارة لمراجعة حالات العجز الشديد في التخصصات سنويًا، واقتراح أولويات توزيع البدائل بناءً على الاحتياج الفعلي دون التأثر بالاعتبارات الجغرافية أو السياسية.

ويُتوقع أن يبدأ التطبيق التجريبي في عينة من المدارس ذات العجز الأعلى خلال الفصل الأول من هذا العام الدراسي، ثم تقييم التجربة وتطوير اللوائح وفق ما تسفر عنه النتائج الميدانية.

ويعد هذا التوجه جزءًا من استراتيجية شاملة للرؤية السعودية 2030 لتطوير التعليم وضمان جاهزية المدارس عبر حلول مرنة تلبي الاحتياج الفوري وتحافظ على استقرارية البيئة التعليمية.

في النهاية فإن اعتماد تخصصات التدريس البديلة وآلية التطبيق المتكاملة يعكسان حرص التعليم السعودي على التعامل مع التحديات الواقعية بذكاء واستباقية، مع الحفاظ على جودة التعليم ومستوى الرضا المجتمعي تجاه النظام المدرسي.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية