سوق الأسهم السعودية يتراجع في النصف الأول من 2025.. ما الأسباب؟

سجل مؤشر سوق الأسهم السعودية الرئيسي "تاسي" تراجعًا ملحوظًا في أداءه خلال النصف الأول من عام 2025، حيث أغلق عند مستوى 11,163.96 نقطة، ما يمثل انخفاضًا بنسبة 4.41% مقارنةً بنفس الفترة من عام 2024.
وأظهر التقرير الإحصائي الصادر عن "تداول السعودية" انخفاضًا ملموسًا في القيمة السوقية للأسهم المصدرة، والتي بلغت بنهاية النصف الأول 9,126.04 مليار ريال (نحو 2,433.61 مليار دولار)، بانخفاض نسبته 9.25% عن نفس الفترة من العام السابق.
ويعكس هذا التراجع في القيمة السوقية ضغوطًا اقتصادية عدة، من بينها تقلبات أسعار النفط، وتوجه المستثمرين إلى أسواق بديلة، بالإضافة إلى حالة الترقب الحذر المرتبطة بالمتغيرات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية.
كما سجلت القيمة الإجمالية للأسهم المتداولة خلال النصف الأول من العام الجاري انخفاضًا كبيرًا بنسبة 32.76%، حيث بلغت 688.09 مليار ريال (183.49 مليار دولار)، مقابل تداولات تجاوزت تريليون ريال في النصف الأول من 2024.
فيما تراجع إجمالي عدد الأسهم المتداولة إلى 29.44 مليار سهم، مقارنة بـ 39.53 مليار سهم خلال الفترة نفسها من العام الماضي، ما يعكس انخفاضًا نسبته 25.53% في حجم التداول الكلي.
ولم يكن عدد الصفقات المنفذة بمنأى عن هذا التراجع، إذ بلغ خلال النصف الأول من 2025 نحو 59.73 مليون صفقة، مقابل 64.15 مليون صفقة في النصف الأول من 2024، بانخفاض بنسبة 6.89%.
وأشار تقرير "تداول" إلى أن عدد أيام التداول خلال النصف الأول من العام بلغ 120 يومًا، بزيادة طفيفة عن الفترة المماثلة من 2024 والتي سجلت 119 يومًا، ما يؤكد أن التراجع يعود لعوامل أخرى غير عدد الجلسات.
ويأتي هذا الأداء المتراجع رغم تحركات عدد من الشركات الكبرى في السوق، مثل توزيعات الأرباح وزيادات رؤوس الأموال، والتي لم تُسهم على ما يبدو في تحفيز السيولة أو جذب مزيد من الاستثمارات المؤسسية.
في السياق ذاته، شهدت تعاملات السوق خلال الأشهر الستة الأولى من 2025 تذبذبًا لافتًا في أداء المؤشرات القطاعية، إذ تأثرت قطاعات مثل التأمين والعقارات بالضغوط التضخمية وارتفاع معدلات الفائدة عالميًا.
كما أثّر تراجع الطلب الاستثماري العالمي على قطاع البتروكيماويات، أحد أبرز محركات السوق السعودية، ما ساهم في تراجع الثقة العامة داخل السوق، ودفع كثيرًا من المستثمرين نحو سياسة الانتظار والترقب.
وعلى الرغم من التحديات الراهنة، يترقب المستثمرون نتائج النصف الثاني من العام، خصوصًا في ظل توقعات بعودة نسبية للاستقرار في أسعار النفط، وبدء تنفيذ عدد من المشاريع الضخمة المرتبطة برؤية 2030.
وتراهن الحكومة السعودية والجهات التنظيمية على تعزيز الشفافية، وتوسيع مشاركة المستثمر الأجنبي، وإطلاق المزيد من الطروحات العامة الأولية لإعادة الحيوية إلى السوق واستعادة زخم التداول.
وبحسب مراقبين اقتصاديين، فإن التراجع الحالي يعكس مرحلة تصحيح طبيعية، تأتي بعد فترات ارتفاع قياسية سابقة، مؤكدين في الوقت ذاته أهمية مواصلة التركيز على الإصلاحات الهيكلية وتحديث التشريعات الاستثمارية.
ويأمل المتعاملون في السوق أن تسهم الإجراءات التنظيمية المتواصلة، إلى جانب دعم البيئة الاستثمارية، في دفع المؤشر إلى التعافي مجددًا خلال النصف الثاني من 2025، مع تحسن شهية المخاطرة وعودة السيولة تدريجيًا.