ما وراء الأرقام.. كيف تُسهم مذكرة التفاهم السعودية البيلاروسية في بناء مستقبل الحوكمة؟

الرقابة المالية
كتب بواسطة: محمود العادل | نشر في 

تم اليوم في العاصمة السعودية توقيع مذكرة تفاهم جديدة تعكس مستوى التعاون المتنامي بين المملكة العربية السعودية وجمهورية بيلاروسيا، وذلك في إطار تعزيز العلاقات الرقابية والمحاسبية بين البلدين.

وقد جرت مراسم التوقيع بين الدكتور حسام بن عبدالمحسن العنقري، رئيس الديوان العام للمحاسبة في المملكة، ونظيره البيلاروسي فاسيلي غريزيموف، رئيس هيئة الرقابة الحكومية.

المذكرة الموقعة تسلط الضوء على رغبة الطرفين في تبادل الخبرات المهنية في المجالات المحاسبية، مع التركيز على تبني أفضل الممارسات في مجالات المراجعة المالية والرقابة على الأداء والالتزام، ويمثل هذا التعاون خطوة نوعية ضمن سعي المملكة نحو تطوير آليات الرقابة المالية بالتوازي مع خططها الإصلاحية.

وتنص المذكرة على تنفيذ مشروعات بحثية واستشارية مشتركة، ما يفتح الباب لتطوير أدوات جديدة في مجال المحاسبة الحكومية تعزز من كفاءة وشفافية الأجهزة الرقابية لدى الجانبين، ويُنتظر أن تسهم هذه الخطوة في تحسين جودة الخدمات الرقابية في ظل المعايير الدولية.

كما تشمل الاتفاقية إقامة لقاءات منتظمة بين المسؤولين والخبراء من البلدين، ما سيُسهم في ترسيخ قاعدة معرفية مشتركة وتسهيل نقل المعرفة من خلال التفاعل المباشر بين الكوادر المتخصصة، وهذه اللقاءات تأتي في إطار توجيه الاهتمام نحو بناء كفاءات مهنية عالية المستوى.

ومن المرتقب أيضًا تنظيم مؤتمرات وورش عمل تدريبية مشتركة، تركز على أحدث التوجهات في عالم التدقيق والمحاسبة، بما يواكب المتغيرات المتسارعة في الاقتصاد العالمي وتكنولوجيا البيانات، وسيتم تصميم هذه البرامج لتلبية احتياجات الجانبين وفقاً لأولويات كل طرف.

جدير بالذكر أن الاتفاق جرى في سياق جهود المملكة لتعزيز شراكاتها الدولية في المؤسسات الرقابية، لا سيما من خلال عضويتها الفاعلة في المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية العامة والمحاسبة (الإنتوساي)، التي تمثل مظلة عالمية لتبادل الخبرات.

وتأتي هذه الخطوة في توقيت تشهَد فيه السعودية حراكًا واسعًا لتحديث بنيتها التنظيمية والرقابية بما يتماشى مع مستهدفات رؤية 2030، التي تضع الحوكمة والشفافية في صميم استراتيجيتها للتنمية المستدامة.

من جهتها، أعربت بيلاروسيا عن ترحيبها بتوسيع دائرة التعاون مع المملكة، معتبرة هذه الاتفاقية بوابة لتوطيد العلاقات الثنائية في مجال الحوكمة المالية، وركيزة أساسية لبناء نظام رقابي يتسم بالكفاءة والنزاهة.

ويحمل هذا التعاون بعدًا يتجاوز حدود التقنية المحاسبية، فهو يعزز أيضًا مفهوم الشفافية بين الدول، ويؤكد أهمية التعاون الدولي في مواجهة التحديات الرقابية المشتركة، خاصة في ظل التغيرات الاقتصادية التي تفرض أدوات رقابة أكثر تطورًا.

ويُنظر إلى هذه المذكرة على أنها جزء من حراك دبلوماسي أوسع تقوم به المملكة لإرساء أسس تبادل مؤسسي شامل مع دول متنوعة، حيث تسعى السعودية إلى أن تصبح مركزًا إقليميًا للتطوير المؤسسي في الشرق الأوسط.

كما تعكس الاتفاقية حرص المملكة على تعزيز مكانتها العالمية في المجال المحاسبي، وتأكيد حضورها في المحافل الدولية بوصفها دولة فاعلة تتبنى أفضل الممارسات العالمية وتساهم في صياغة مستقبل الحوكمة الرقمية والمالية.

ويُتوقع أن تفتح هذه الشراكة الباب أمام المزيد من المشاريع الثنائية في المستقبل، ليس فقط في الرقابة المالية بل ربما تمتد لتشمل جوانب أخرى من العمل الحكومي المشترك الذي يقوم على تبادل المعرفة والتطوير الإداري.

وقد شهد توقيع الاتفاق اهتمامًا إعلاميًا ودبلوماسيًا من كلا الطرفين، ما يؤكد أهمية الحدث كجزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى بناء جسور تعاون في ملفات حيوية تسهم في التنمية المستدامة وتحسين الأداء الحكومي.

الخبر لا يقتصر على شراكة فنية، بل يُعَد خطوة رمزية نحو فتح آفاق جديدة من التعاون شرقًا وغربًا، وترجمة فعلية لرؤية المملكة في مد جسور المعرفة والحوكمة مع مختلف دول العالم في إطار من التكامل والتوازن.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية