قضية تثير الجدل في الكويت .. طبيب يواجه العدالة بعد سرقة دواء بقيمة زهيدة

في واقعة أثارت تساؤلات قانونية وأخلاقية واسعة، أصدرت محكمة التمييز في الكويت حكمًا نهائيًا بتغريم طبيب مساعد مبلغ 500 دينار كويتي، أي ما يعادل نحو 6000 ريال سعودي، وذلك بعد إدانته بالاستيلاء على دواء مخصص لعلاج الاكتئاب من أحد المستشفيات الحكومية التي يعمل فيها.
وهذه القضية، التي قد تبدو في ظاهرها بسيطة بسبب القيمة الضئيلة للدواء، قد حملت أبعادًا أعمق ترتبط بالأمانة الوظيفية وسوء استخدام السلطة.
وتكشف تفاصيل القضية بعدما لاحظت إدارة المستشفى تكرار اختفاء عبوات من أدوية مخصصة للمرضى النفسيين، دون وجود سجل صرف رسمي يبرر هذه الحالات.
وبمرور الوقت، تصاعدت الشكوك حول وجود تلاعب داخلي دفع الإدارة إلى إصدار تعميم داخلي لرصد أي تحركات مشبوهة تتعلق بصرف الدواء، التعميم لم يلبث طويلًا حتى أسفر عن نتائج حاسمة.
وقد بادر أحد الموظفين في المستشفى بإبلاغ الإدارة عن تصرفات مريبة من قبل طبيب زميل، كان يُلاحظ مروره المتكرر على مخزن الأدوية دون وجود مبررات إدارية واضحة.
وقد دفع هذا البلاغ الجهات الأمنية إلى التدخل، وبعد مراقبة دقيقة تم ضبط الطبيب وهو يضع يده على عبوة الدواء المعني، بينما كان يرتدي كمامة حاول من خلالها إخفاء ملامحه، في محاولة بائسة للتمويه.
وكشفت التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة أن الطبيب لم ينكر التهم الموجهة إليه، بل أقر أمام جهات التحقيق بأنه كان يعاني من نوبات قلق واكتئاب دفعت به إلى تعاطي الدواء بصفة شخصية.
وأوضح أن حصوله على العلاج من خلال القنوات الرسمية لم يكن ممكنًا، نظرًا لأن صرف هذا النوع من الأدوية مقصور على المرضى الذين تثبت حاجتهم إليه بعد فحوصات نفسية دقيقة.
غير أن المحكمة، رغم إقرارها بوجود دافع شخصي عند المتهم، شددت على أن الاستيلاء على ممتلكات الدولة، حتى وإن كانت بقيمة متدنية، يمثل خرقًا واضحًا للأمانة الوظيفية ومخالفة صريحة للقوانين المعمول بها في المؤسسات الحكومية.
وأكدت في حيثيات حكمها أن المتهم ارتكب الجريمة أربع مرات متتالية، مما يعكس نية مسبقة وسلوكًا متكررًا لا يمكن التساهل معه.
ولم تتجاوز القيمة السوقية للدواء المسروق 3 دنانير ونصف الدينار، أي ما يعادل نحو 36 ريالًا سعوديًا، إلا أن المحكمة قررت فرض غرامة مالية تبلغ 500 دينار، وهو ما يعكس فداحة الجريمة من منظور أخلاقي وإداري، وليس فقط من منطلق مادي.
ويُعد الحكم الصادر من محكمة التمييز نهائيًا وباتًا، بعد أن رفضت المحكمة طعن المتهم على الحكم الابتدائي والاستئنافي، مؤكدة قناعتها بثبوت التهمة وثبوت المسؤولية الجنائية الكاملة.
ويمثل الحكم رسالة صارمة لكل من تسوّل له نفسه استغلال وظيفته في المساس بالمال العام أو التصرف في ممتلكات الدولة بطرق غير مشروعة.
واللافت أن هذه القضية فتحت نقاشًا عامًا حول الضغوط النفسية التي يتعرض لها بعض العاملين في القطاع الطبي، خاصةً أولئك الذين يعملون في بيئات عالية التوتر، مثل المستشفيات.
وقد رأى كثير من المتابعين في تصرف الطبيب مؤشرًا على حاجة بعض الكوادر الطبية للدعم النفسي والمعنوي، قبل أن تتفاقم حالاتهم الشخصية إلى سلوكيات مرفوضة.
ومع ذلك، يرى آخرون أن التعامل مع الاضطرابات النفسية يجب أن يتم ضمن الأطر القانونية والمؤسسية، خصوصًا حين يتعلق الأمر بموظفين في مناصب حساسة، يتوقع منهم التحلي بمستويات عالية من الانضباط والمسؤولية.
وبالتالي، فإن مبررات الطبيب، على الرغم من تعاطف البعض معها، لم تشفع له في ميزان العدالة.
لم تصدر وزارة الصحة حتى الآن بيانًا رسميًا حول الحادثة، لكن مصادر مطلعة أكدت أن الطبيب المساعد تم وقفه عن العمل مؤقتًا لحين استكمال الإجراءات الإدارية بحقه.
وتشير التقديرات إلى أن عقوبات إدارية إضافية قد تُفرض عليه، بما في ذلك احتمال فصله من العمل نهائيًا.
ويجرم القانون الكويتي الاستيلاء على ممتلكات الدولة تحت أي مبرر، وينص على تغليظ العقوبة في حال كان الفاعل موظفًا عامًا استغل منصبه لتحقيق منفعة شخصية، وهو ما انطبق في هذه الحالة على الطبيب، الذي تجاوز صلاحياته ودخل مناطق صرف الأدوية دون وجه حق.
ويبدو أن القضية ستبقى مثارًا للجدل، لا سيما في الأوساط القانونية والطبية، حيث تتقاطع اعتبارات القانون مع تعقيدات الحالة الإنسانية التي مر بها المتهم.
وتطرح هذه الواقعة تساؤلات حول مدى وجود أنظمة داعمة للموظفين الذين يعانون من ضغوط نفسية، ومدى فاعلية الإجراءات الداخلية في كشف التجاوزات مبكرًا قبل أن تتطور إلى قضايا جنائية.
وفي النهاية، تعكس هذه القضية رسالة واضحة حول أهمية الحفاظ على الأمانة الوظيفية، والتزام الموظفين الحكوميين بالقوانين والأنظمة، مهما بلغت بساطة الموارد أو الأدوات محل القضية، فالقانون لا يقيس الجريمة بحجم المسروق، بل بطبيعة الانتهاك ذاته.
- فلكية جدة .. توهج شمسي يطلق تحذيرات جيومغناطيسية ويتسبب بانقطاعات إذاعية مفاجئة
- فرصة جديدة أمام المقيمين .. جامعة نجران تفتح باب المنح الداخلية لغير السعوديين
- مدرب ميلان على رادار "الهلال السعودي".. والنادي الإيطالي يفجرها "التمديد خطوتنا المقبلة"
- بكم جنيه الذهب اليوم؟؟ | أسعار الذهب بمستهل الأسبوع السبت 19 أبريل 2025 في السوق السعودية
- بمتوسط 31 مئوية | توقعات الأرصاد لحالة الطقس اليوم السبت 19 أبريل 2025 في السعودية