فلكية جدة .. توهج شمسي يطلق تحذيرات جيومغناطيسية ويتسبب بانقطاعات إذاعية مفاجئة

رصدت الأقمار الصناعية المختصة برصد الشمس توهجًا شمسيًا قويًا من الفئة (M8.3) مساء يوم أمس، مصدره البقعة النشطة المعروفة برمز AR4114، وهو توهج يكاد يصل إلى تصنيف الفئة الأقوى "إكس".
وهذا التوهج التقطته الأجهزة الفضائية على شكل ومضة لامعة في نطاق الأشعة فوق البنفسجية الشديدة، مما يشير إلى قوته الاستثنائية وتأثيره المحتمل على كوكب الأرض.
وهذا النوع من التوهجات لا يُعدّ حدثًا نادرًا في الدورة الشمسية الحالية، لكنه يثير دومًا الاهتمام نظرًا لتأثيراته المباشرة على أنظمة الاتصالات الأرضية وشبكات الطاقة.
ورغم أن التوهج لم يصب الأرض مباشرة، إلا أن تداعياته ظهرت سريعًا في أجزاء من قارة أمريكا الشمالية، حيث لوحظت انقطاعات مؤقتة في موجات الراديو القصيرة.
وبحسب تصريح رئيس الجمعية الفلكية بجدة المهندس ماجد أبو زاهرة، فإن الإشعاع المنبعث من التوهج تسبب في انقطاع موجات الراديو القصيرة التي تقل تردداتها عن 20 ميغاهرتز، خصوصًا لدى هواة الراديو، الذين لاحظوا اختفاء الإشارة بشكل مفاجئ خلال دقائق من وقوع التوهج، وتُعرف هذه الظاهرة علميًا باسم "انقطاع الاتصالات الراديوية الناتج عن التوهج الشمسي".
وأوضح أبو زاهرة أن ما حدث لا يقتصر على التوهج وحده، بل أعقبه أيضًا ما يُعرف بالانبعاث الكتلي الإكليلي، وهو انفجار ضخم في الغلاف الجوي للشمس يؤدي إلى قذف كميات هائلة من الجسيمات الشمسية المشحونة نحو الفضاء، مع احتمالية أن تصيب بعضها المجال المغناطيسي للأرض.
وأشار إلى أن النماذج الأولية لتحليل حركة الانبعاث الكتلي الإكليلي تشير إلى أن معظم الكتلة المتجهة نحو الفضاء ستنحرف شمال الأرض، غير أن الجزء الجانبي منها، ما يُعرف بالذيل، قد يلامس الحافة الخارجية للمجال المغناطيسي لكوكب الأرض، وذلك في يوم 18 يونيو 2025.
وتوقعت الجمعية الفلكية، بناءً على هذه المؤشرات، أن يؤدي هذا الاصطدام الجانبي إلى حدوث عاصفة جيومغناطيسية من الدرجة G1، وهي تصنيف يشير إلى عواصف ضعيفة إلى معتدلة وفقًا للهيئة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي (نوا)، لكنها قد تترك آثارًا مرصودة على بعض الأنظمة الحيوية.
ومثل هذه العواصف تُعرف بتأثيرها على الملاحة الجوية، والاتصالات عبر الأقمار الصناعية، وقد تتسبب في ظهور الشفق القطبي في بعض المناطق ذات خطوط العرض العليا، كما يمكن أن تؤدي إلى تقلبات طفيفة في شبكات الطاقة الكهربائية، لا سيما في المناطق القريبة من الدوائر القطبية.
وأوضح أبو زاهرة أن التأثيرات المحتملة قيد المراقبة خلال الساعات المقبلة، حيث يتم تحليل البيانات الجديدة الواردة من الأقمار الصناعية المختصة بمراقبة الشمس والمجال المغناطيسي الأرضي، مشيرًا إلى أن قوة العاصفة قد تتغير في حال زادت كثافة الانبعاث الكتلي أو غير اتجاهه بشكل غير متوقع نحو الأرض.
وأضاف أن الانبعاثات الشمسية من هذا النوع تستغرق عادة ما بين يوم إلى ثلاثة أيام للوصول إلى الأرض، ويعتمد ذلك على سرعة الجسيمات المقذوفة، مشيرًا إلى أن التأثير الأكبر يحدث عندما يكون الانفجار موجّهًا بشكل مباشر نحو كوكبنا.
وتُعتبر العواصف الجيومغناطيسية من الفئة G1 الأدنى على مقياس التأثيرات الشمسية الذي يمتد من G1 إلى G5، إلا أن أبو زاهرة أكد أنها كافية لإحداث اضطرابات يمكن رصدها وملاحظتها في العديد من الأنظمة الأرضية، خاصة تلك التي تعتمد على الترددات اللاسلكية أو الأقمار الصناعية.
وتلعب طبقات الغلاف المغناطيسي للأرض دورًا حاسمًا في التصدي للإشعاعات الشمسية الخطرة، إلا أن هذا التصدي نفسه يُحدث ما يُعرف بـ"اهتزازات مغناطيسية" تُرصد بوضوح من قبل مراصد الفضاء المتخصصة، وتُعد هذه الاهتزازات بمثابة الإنذار المبكر لأي تغيرات قد تحدث في النظام المغناطيسي للأرض.
وتسهم مثل هذه الظواهر في تعزيز فهم العلماء للدورة الشمسية وتأثيراتها المتعددة على الحياة الأرضية، حيث باتت التوهجات الشمسية والانبعاثات الكتلية موضوعًا رئيسيًا في علم الفضاء لما تحمله من تداعيات على التكنولوجيا الحديثة التي تعتمد عليها حياة البشر بشكل متزايد.
ويُذكر أن الدورة الشمسية الحالية، والمعروفة بالدورة رقم 25، شهدت نشاطًا ملحوظًا في الأشهر الماضية، تضمن عددًا من التوهجات والانفجارات الشمسية المتكررة، مما دفع وكالات الفضاء ومراكز الأبحاث إلى رفع مستوى المتابعة والرصد المستمر لهذه الظواهر.
وبالرغم من أن التوهج الأخير لم يُصنف ضمن الفئة الأشد "إكس"، إلا أن قربه من هذا التصنيف يعكس حجم الطاقة المنبعثة، مما يجعله محل اهتمام من قبل العلماء والمراقبين حول العالم، خاصة مع اقتراب فترة الذروة المتوقعة في الدورة الشمسية الحالية خلال السنوات المقبلة.
وفي هذا السياق، شددت الجمعية الفلكية بجدة على أهمية مواصلة مراقبة الشمس بشكل دائم، لما لذلك من دور في توقع الأحداث الفضائية المؤثرة على كوكب الأرض، ومساعدة الجهات المعنية على اتخاذ إجراءات وقائية مناسبة عند الحاجة.
وتستعد مراكز الأرصاد الفضائية والهيئات المعنية بالشؤون الجوية والبيئية لمتابعة تأثيرات العاصفة الجيومغناطيسية المتوقعة خلال الأيام المقبلة، وسط حالة ترقب لمعرفة ما إذا كانت ستتطور لتصبح أقوى من المتوقع أو تظل في حدود التأثير الطفيف.
ويأتي هذا الحدث كتذكير بمدى الترابط بين الأنشطة الشمسية وظروف الحياة على الأرض، حيث يمكن لتوهج بسيط في الشمس على بعد ملايين الكيلومترات أن يُحدث تأثيرًا فوريًا وملموسًا في أنظمة الاتصالات والملاحة حول العالم.
- إصابة مؤثرة في معسكر الهلال.. نجم الفريق يغيب عن مواجهة ريال مدريد
- احذر هذا الخطأ داخل سيارتك.. الدفاع المدني يصدر تحذيرًا عاجلًا بشأن فعل خاطئ
- الوطني للأرصاد يُحذر من حالة الطقس اليوم على جازان ونجران وهذه المناطق
- بمرتبات تنافسية.. وظائف هندسية وإدارية شاغرة في هيئة سدايا
- للجنسين.. وظائف شاغرة لحملة الدبلوم والبكالوريوس في متاجر الرقيب