بين المفاجأة والحذر .. مدارس تتراجع عن تعديل الرسوم الدراسية في دبي

مدارس تتراجع عن تعديل الرسوم الدراسية في دبي.
كتب بواسطة: عبدالرحمن الباشا | نشر في 

بهدوء وثقة، خطت 41 مدرسة خاصة في دبي قراراً مختلفاً للعام الدراسي المقبل 2025-2026، معلنة أنها لن تُعدّل رسومها الدراسية، بحسب ما كشفت عنه هيئة المعرفة والتنمية البشرية في الإمارة، وهذه الخطوة تأتي في وقت تتزايد فيه التكاليف التعليمية، إلا أن هذه المدارس اختارت الحفاظ على استقرار مالي لأولياء الأمور.

ومن بين هذه المدارس، هناك 20 مدرسة حديثة النشأة، لم يمضِ على تأسيسها أكثر من ثلاث سنوات، ما يعني أنها ملزمة بعدم تعديل رسومها وفقاً للأنظمة المعتمدة، فيما قررت 21 مدرسة أخرى طواعيةً عدم رفع الرسوم رغم إمكانية ذلك، في محاولة للحفاظ على التوازن بين الجودة التعليمية وقدرة الأسر على التحمل المالي.

والهيئة أكدت أن كل ولي أمر يمكنه التأكد من تفاصيل الرسوم المدرسية من خلال عقد المدرسة وبطاقة الرسوم المعتمدة، المتاحة إلكترونياً عبر موقعها الرسمي أو التطبيق الذكي الخاص بها، في خطوة تعزز الشفافية وتسهّل الوصول إلى المعلومات.

ورغم أن مؤشر كلفة التعليم المعتمد للعام المقبل يبلغ 2.35%، وهو الحد الأقصى الممكن لزيادة الرسوم، فإن عدداً من المدارس اختارت عدم الاستفادة منه هذا العام، ما يشير إلى نوع من الالتزام المجتمعي أو الاستراتيجية التنافسية في سوق التعليم.

والمؤشر نفسه، بحسب الهيئة، لا يُحسب اعتباطاً، بل يُبنى على مجموعة من العوامل الواقعية مثل الأجور والرواتب، والخدمات التعليمية المساندة، والإيجارات، ما يجعله أداة لتقييم الوضع المالي الفعلي للمدارس، وليس مجرد مبرر للزيادة.

ولكن حتى مع وجود هذا المؤشر، فإن أي تعديل في الرسوم لا يتم تلقائياً، بل يحتاج إلى تقديم طلب رسمي ومراجعة دقيقة من قبل فريق متخصص، للتأكد من الالتزام بالضوابط، وهو ما يجعل عملية التعديل خاضعة للحوكمة الدقيقة وليست قراراً أحادياً من إدارة المدرسة.

وتُشدّد الهيئة على أن المدارس الجديدة، التي لم يتجاوز تشغيلها ثلاث سنوات، لا يُسمح لها برفع رسومها، والهدف من هذا الشرط هو خلق بيئة تعليمية مستقرة في سنوات التأسيس الأولى، ومنع تحميل الأسر أعباء إضافية في مرحلة تحتاج فيها المدرسة لبناء الثقة أولاً.

والمنهجية التي تتبعها الهيئة في إدارة كلفة التعليم تُمثل توجهاً علمياً واضحاً، يهدف إلى تعزيز كفاءة الموارد داخل المدارس وضمان استدامة الجودة التعليمية، في وقت تزداد فيه المنافسة بين المدارس وتتصاعد توقعات أولياء الأمور.

وفي ضوء هذا الإطار التنظيمي، حرصت الهيئة على ترسيخ مبدأ الشفافية، حيث تُعتبر آلية حوكمة الرسوم المدرسية جزءاً من رؤية دبي لتقديم تعليم مرن ومتميز، ينسجم مع مكانة الإمارة كوجهة عالمية في قطاع التعليم الخاص.

وفي سياق متصل، تعمل الهيئة على توسعة المشهد التعليمي في الإمارة، إذ تدرس حالياً أكثر من 20 طلباً لافتتاح مدارس خاصة جديدة خلال العامين المقبلين، ما يعكس النمو المستمر في الطلب على التعليم الخاص وتنوّع الخيارات المتاحة للأسر.

وتأتي هذه الجهود بعد افتتاح 15 مدرسة خاصة جديدة خلال العامين الماضيين، وهي خطوة تتماشى مع استراتيجيات النمو السكاني والتوسع العمراني في دبي، فضلاً عن استقطاب المزيد من المقيمين الباحثين عن تعليم نوعي لأبنائهم.

والهيئة أعلنت أن إجمالي عدد المدارس الخاصة في الإمارة وصل إلى 227 مدرسة، تستقبل أكثر من 387 ألف طالب وطالبة من 185 جنسية، في مشهد تعليمي يتّسم بالتنوّع والانفتاح العالمي، ويعكس الوجه المتعدد الثقافات لدبي.

وفي إطار استراتيجية دبي للتعليم 2033، تستهدف الإمارة افتتاح ما لا يقل عن 100 مدرسة خاصة جديدة، ما يُشكّل توسعاً هائلاً في البنية التحتية التعليمية، ويؤكد أن جودة التعليم وحياة الطلبة في صدارة الأولويات.

وهذا النمو لا يقتصر على الكم، بل يشمل النوع أيضاً، إذ تسعى دبي إلى تحقيق مزيج بين الجودة والقدرة على الوصول، بحيث يجد كل طالب بيئة تعليمية تناسب احتياجاته الثقافية والاجتماعية، وتلبي تطلعات أسرته الأكاديمية.

ووسط كل هذه التحركات، تبدو خطوة 41 مدرسة بعدم تعديل رسومها وكأنها رسالة طمأنة للآباء والأمهات، ورسالة استقرار لسوق التعليم، خصوصاً في ظل تحديات اقتصادية عالمية تجعل من التحكم في المصاريف أولوية قصوى لكثير من الأسر.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية