قرار مفاجئ يهز الكويت: الداخلية تسحب الجنسية من 1292 شخصًا في أكبر خطوة قانونية منذ عقود

الداخلية الكويتية تسحب الجنسية من 1292 شخصًا.

كتب بواسطة: صلاح الأحمر | نشر في

في خطوة غير مسبوقة تعكس تشديد الدولة على حماية الهوية الوطنية وصيانة الأمن الداخلي، أعلنت وزارة الداخلية الكويتية اليوم عن سحب الجنسية من 1292 شخصًا لأسباب تتعلق بالتزوير، وازدواج الجنسية، والمصلحة العليا للدولة، وذلك عقب اجتماع للجنة العليا لتحقيق الجنسية عُقد يوم الخميس الماضي.

وأوضحت الوزارة أن هذه الخطوة تأتي ضمن جهود موسعة لإعادة تقييم ملفات الجنسية، وتطبيق مواد القانون الكويتي بشكل حازم ودقيق، مؤكدة أن القرار تمهيدي وسيُعرض لاحقًا على مجلس الوزراء لاعتماده بشكل نهائي، وفقًا لما نص عليه القانون.

وقد كشفت وزارة الداخلية في بيانها الرسمي عن تفاصيل الأعداد التي شملها القرار، حيث بيّنت أن من بين الحالات التي تقرر سحب الجنسية منها، توجد 8 حالات تعود لأشخاص يحملون جنسية أخرى إلى جانب الجنسية الكويتية، وهو ما يُعد مخالفة صريحة لأحكام القانون الكويتي الذي لا يجيز ازدواج الجنسية تحت أي ظرف، ويعد ذلك خرقًا لواجب الولاء والانتماء للدولة الكويتية.

كما أشارت الوزارة إلى أن هناك 189 حالة ثبت فيها وقوع تزوير صريح في المستندات أو تقديم أقوال كاذبة، وتم بناء عليه سحب الجنسية من هؤلاء الأفراد، بالإضافة إلى من اكتسب الجنسية معهم بطريق التبعية، وهو ما يعكس دقة الفحص الذي أجرته اللجنة خلال مراجعتها للملفات.

ولم تقتصر دوافع السحب على التزوير أو ازدواج الجنسية، بل امتدت لتشمل حالات مرتبطة بما يُعرف في القوانين الكويتية بمصطلح "الأعمال الجليلة"، حيث تم سحب الجنسية من 73 شخصًا لهذه الأسباب، إضافة إلى من حصل عليها بالتبعية.

وتُعتبر ملفات "الأعمال الجليلة" من القضايا الشائكة في تاريخ الجنسية الكويتية، إذ حصل بعض الأفراد على الجنسية سابقًا استنادًا إلى ما وُصف بأنه خدمات جليلة قُدمت للدولة، وهي صفة تثير الجدل نظرًا لعدم وضوح معاييرها في بعض الحالات، وهو ما دفع الدولة إلى إعادة التدقيق فيها.

وفي تطور لافت، أوضحت وزارة الداخلية أن القرار شمل أيضًا سحب الجنسية من 50 شخصًا على خلفية "المصلحة العليا للبلاد"، وهي عبارة تُستخدم عادة في حالات يُخشى فيها من تهديد الأمن القومي أو وحدة الصف الوطني، كما شمل القرار من حصلوا على الجنسية معهم بطريق التبعية.

ومن بين أكبر الأرقام التي وردت في البيان، كشفت الوزارة عن سحب الجنسية من 967 شخصًا دفعة واحدة، وأرجعت السبب إلى مقتضيات "المصلحة العليا للدولة"، ضمن ملفات تتصل كذلك بالأعمال الجليلة.

وأكدت الوزارة أن هذه الخطوة جاءت بناءً على مراجعة شاملة ودقيقة استمرت شهورًا، واستندت إلى تقارير أمنية وقانونية متكاملة، مما يُظهر اتجاها واضحًا نحو تصحيح مسار ملف الجنسية، والتصدي لما وصفته الحكومة في وقت سابق بـ"العبث الذي طال الهوية الوطنية خلال عقود ماضية".

كما اختُتم البيان بالإشارة إلى وجود أربع حالات إضافية تم فيها سحب الجنسية وفقًا للمادة الثامنة من قانون الجنسية الكويتي، والتي تتيح سحب الجنسية إذا اقتضت المصلحة العليا للبلاد ذلك، دون الحاجة إلى تقديم أسباب مفصلة للعامة.

وقد أثار الإعلان الرسمي تفاعلًا واسعًا على مستوى الشارع الكويتي، إذ تباينت ردود الأفعال بين من أيّد القرار واعتبره ضرورة قانونية وسياسية لحماية الهوية الوطنية، وبين من أبدى تخوفًا من تداعياته الإنسانية والاجتماعية، خاصة في ظل عدد كبير من المتأثرين ممن وُلدوا ونشأوا في الكويت ويحملون الجنسية منذ سنوات.

وذهب البعض إلى المطالبة بإتاحة آليات تظلم قانونية واضحة وعادلة، تُمكّن المتضررين من تقديم مستنداتهم ودفاعهم أمام الجهات القضائية، بما يضمن تطبيق العدالة ويحمي حقوق الأفراد ضمن الإطار القانوني.

وفي سياق متصل، أكّد عدد من الخبراء القانونيين أن سحب الجنسية يُعد من أخطر الإجراءات السيادية التي تتخذها الدول، نظرًا لارتباطها المباشر بحقوق الإنسان ومفهوم الانتماء الوطني، إلا أنهم شددوا في الوقت ذاته على أن القانون الكويتي واضح في مواده، ويتيح للدولة سحب الجنسية في حال ثبت التزوير أو ازدواج الولاء أو وجود تهديد مباشر للمصلحة العليا.

ورأى بعض المحللين أن هذا التحرك يمثل رسالة واضحة من الدولة بشأن رفض التساهل مع من يحاولون التحايل على القوانين أو استغلال ثغراتها في مسائل حساسة تمس كيان الدولة.

وختامًا، فإن سحب الجنسية من هذا العدد الكبير في وقت واحد يعكس مرحلة جديدة من التشدد والانضباط القانوني في الكويت، ضمن توجه أوسع تشهده دول الخليج لضبط ملفات الجنسية والهوية، وتطبيق مبادئ الشفافية والنزاهة في منح الحقوق الوطنية.

ويبقى التحدي الأكبر في المرحلة القادمة هو ضمان التوازن بين تطبيق القانون بدقة، والحفاظ على الأبعاد الإنسانية والاجتماعية المرتبطة بحق الجنسية، مع مراعاة إجراءات الطعن والتظلم بما يرسّخ الثقة في مؤسسات الدولة ويعزز من استقرارها الداخلي.

اقرأ ايضاً