تمديد اتفاقية "مخزينة" حتى 2050: استثمارات أمريكية بـ30 مليار دولار

تمديد اتفاقية
كتب بواسطة: فادية حكيم | نشر في 

أعلنت سلطنة عُمان، ممثلة بوزارة الطاقة والمعادن، عن توقيع اتفاقية جديدة مع شركة "أوكسيدنتال بتروليوم" الأمريكية، تقضي بتمديد امتياز الاستكشاف والإنتاج في منطقة الامتياز رقم 53، التي تضم حقل مخزينة النفطي، حتى عام 2050، ويأتي هذا التمديد ضمن استراتيجية سلطنة عُمان لتعزيز استدامة قطاع الطاقة، وزيادة القيمة الاقتصادية المضافة من مواردها الطبيعية، وجذب الاستثمارات الأجنبية طويلة الأجل.

وتشمل الاتفاقية، التي تم توقيعها بمشاركة شركاء شركة أوكسيدنتال، التزامًا بضخ استثمارات تُقدّر بنحو 11.5 مليار ريال عُماني، أي ما يعادل 30 مليار دولار أمريكي على مدار فترة التمديد الممتدة لـ27 عامًا، وستُوجَّه هذه الاستثمارات نحو تمويل النفقات الرأسمالية والتشغيلية، بما يسهم في رفع كفاءة العمليات الإنتاجية، وتوسيع نطاق تطبيق التقنيات الحديثة في عمليات الاستخلاص، بما يضمن الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة في المنطقة.

ويقع حقل مخزينة، التابع لمنطقة الامتياز رقم 53، في محافظة الوسطى، ويُعد من أهم الحقول النفطية في سلطنة عُمان وأكثرها إنتاجًا، حيث يشكّل أحد الركائز الأساسية في منظومة الطاقة الوطنية، وتمكنت شركة أوكسيدنتال، منذ بدء عملياتها في الحقل، من تحقيق نتائج ملموسة في رفع معدلات الإنتاج، وذلك من خلال اعتمادها تقنيات متقدمة في مجال الحفر والاستكشاف والإنتاج، الأمر الذي ساعد في تعزيز أداء الحقل بشكل مستدام.

وقال المهندس سالم بن ناصر العوفي، وزير الطاقة والمعادن في سلطنة عُمان، إن تمديد الاتفاقية مع شركة أوكسيدنتال يمثل خطوة استراتيجية محورية، تضمن استمرار مساهمة حقل مخزينة في رفد الاقتصاد الوطني، وتعزيز قطاع الطاقة كمصدر رئيسي للدخل القومي، وأضاف العوفي أن حجم الاستثمارات الضخم المرتقب من شأنه أن يدفع بعجلة تطوير الحقل، ويؤدي إلى استحداث فرص عمل جديدة، وزيادة مستوى المحتوى المحلي، بما يعود بالنفع المباشر وغير المباشر على الاقتصاد العُماني.

وبحسب بيان وزارة الطاقة والمعادن، فإن الاتفاقية لا تقتصر على تطوير الحقل من الناحية التقنية فقط، بل تشمل أيضًا التزامات واضحة تجاه تعزيز سلسلة التوريد المحلية، من خلال تفعيل العقود والمشتريات والخدمات المرتبطة بعمليات التشغيل، ويُتوقع أن يكون لذلك تأثير ملموس في تحريك قطاعات اقتصادية متعددة، ورفع مستويات التوطين في الخدمات اللوجستية، والهندسية، والمقاولات، والنقل، وغيرها من المجالات المرتبطة بقطاع النفط والغاز.

كما أكدت الوزارة أن الشراكة الممتدة مع أوكسيدنتال تُجسّد ثقة المستثمرين الأجانب في البيئة الاستثمارية في سلطنة عُمان، مشيرة إلى أن الدولة ماضية في سياساتها لتوفير مناخ اقتصادي وتشريعي مشجّع، يضمن الشفافية والتنافسية، ويعزز من مكانة السلطنة كمركز إقليمي للطاقة في المنطقة.

وتُعد شركة "أوكسيدنتال بتروليوم" من كبرى شركات النفط والغاز في الولايات المتحدة، وتتمتع بسجل حافل في مجال الطاقة التقليدية والمستدامة على حد سواء، وتعمل الشركة في سلطنة عُمان منذ أكثر من ثلاثة عقود، حيث استطاعت من خلال شراكتها مع الحكومة أن تنفذ مجموعة من المشاريع الاستراتيجية التي ساهمت في تنويع مصادر الإنتاج وتعزيز القيمة الاقتصادية لقطاع النفط.

وتمتد استثمارات أوكسيدنتال في السلطنة إلى عدة مناطق امتياز، إلا أن منطقة الامتياز رقم 53 تُعد الأبرز من حيث حجم الإنتاج، والفرص الواعدة في التوسع والاستدامة، خصوصًا في ظل تزايد أهمية تقنيات الاستخلاص المعزز، والتي تُستخدم لزيادة كميات النفط المستخرجة من المكامن بعد تراجع الضغط الطبيعي لها.

ويأتي هذا التمديد ضمن رؤية سلطنة عُمان للطاقة 2040، والتي تهدف إلى موازنة الاعتماد على النفط والغاز مع تطوير مصادر الطاقة المتجددة، وتحقيق استدامة اقتصادية طويلة الأمد، وفي هذا السياق، تؤكد الاتفاقية على التزام السلطنة بالحفاظ على توازن استثماري ذكي، يضمن الاستفادة القصوى من الموارد الطبيعية الحالية، مع مراعاة متطلبات التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة.

كما يُنظر إلى الاتفاقية على أنها خطوة تعزز مكانة عُمان كمركز جذب للاستثمارات الدولية في قطاع الطاقة، خاصة في ظل التحديات الجيوسياسية والتقلبات في أسعار النفط، وتعكس قدرة السلطنة على استقطاب استثمارات ضخمة بهذا الحجم ثقة المجتمع الدولي في قدرتها على توفير بيئة أعمال مستقرة وآمنة.

ومع توقيع هذه الاتفاقية، تدخل سلطنة عُمان مرحلة جديدة من الشراكة طويلة الأمد في قطاع النفط، تُمهّد الطريق لنمو اقتصادي أوسع، واستدامة إنتاجية مدروسة، وتنمية بشرية محلية قائمة على توفير فرص العمل والتدريب والخبرة، كما أن هذه الاتفاقية ترسّخ الدور المحوري الذي تلعبه الحقول الكبرى، مثل حقل مخزينة، في دعم الاقتصاد الوطني وتوفير الإيرادات الضرورية للخطط التنموية المستقبلية.

ويمثّل التمديد حتى عام 2050 رسالة واضحة من سلطنة عُمان بأنها ماضية في تعزيز مكانتها الطاقية، مع إدراكها لأهمية التخطيط البعيد المدى، والشراكة المستدامة مع كبريات الشركات العالمية، بما يضمن استمرار النجاح في عالم يشهد تغيرات متسارعة في معادلة الطاقة العالمية.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية