الفراج يُشعل الجدل: تغريدة صادمة حول مستقبل دعم صندوق الاستثمارات للأندية الكبرى

تغريدة صادمة حول مستقبل دعم صندوق الاستثمارات للأندية الكبرى.
كتب بواسطة: سماء سالم | نشر في 

في تصريح مفاجئ هزّ الوسط الرياضي السعودي، أطلق الإعلامي الرياضي وليد الفراج تغريدة اعتبرها كثيرون من العيار الثقيل، أثارت موجة من التساؤلات والجدل حول مستقبل دعم صندوق الاستثمارات العامة للأندية الكبرى في المملكة، وعلى رأسها أندية الهلال، النصر، الاتحاد، والأهلي.

وجاءت تغريدة الفراج عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، لتسلط الضوء على تحول استراتيجي محتمل في طريقة تمويل الأندية، خاصة في ظل الانتقال من مرحلة "الإنفاق المفتوح" إلى "إدارة اقتصادية رشيدة"، على حد تعبيره.

حيث قال: "من لم يستثمر الدعم اللامحدود الذي تم تقديمه في السنوات الست الماضية في تحقيق البطولات أو المنافسة عليها أو بناء فريق متماسك، فإنه لن يحقق شيئًا في المرحلة المقبلة، وماليًا انتهت مرحلة رفع جودة اللاعبين بالأندية الكبرى، والقادم إدارة الموارد بشكل اقتصادي، خلاص كل واحد أخذ فرصته".

وتصريحات الفراج تُفهم ضمنيًا على أنها إشارة إلى تقليص أو إعادة هيكلة الدعم المالي المقدم من صندوق الاستثمارات العامة للأندية الرياضية، خاصة تلك التي انتقلت ملكيتها للصندوق بموجب قرار رسمي صادر عن وزارة الرياضة في يونيو 2023، برئاسة الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل، والقرار حينها كان جزءًا من مشروع ضخم لتخصيص الأندية الرياضية وتحويلها إلى مؤسسات مستدامة تسهم في تعزيز الاقتصاد الرياضي الوطني.

وقد شمل القرار تحويل ملكية أندية الهلال والاتحاد والنصر والأهلي إلى صندوق الاستثمارات العامة، وذلك في إطار استراتيجية رؤية السعودية 2030 الرامية إلى تحويل القطاع الرياضي إلى بيئة جاذبة للاستثمار، وتعزيز التنافسية على الصعيدين المحلي والدولي.

وفي سياق تغريدته، ألمح الفراج إلى تغير متوقع في أدوار رؤساء الأندية خلال الفترة المقبلة، مشيرًا إلى أن "الرئيس القادر على التمويل أو تدبير التمويل سيكون الأنسب للجماهير"، ما يعني أن المرحلة المقبلة قد تشهد عودة أصحاب رؤوس الأموال إلى واجهة الأندية، على غرار الفترات السابقة لهيمنة الدعم الحكومي المباشر، وأضاف: "أعتقد أن دور رؤساء المؤسسات غير الربحية سيكون أكبر في الأندية بالمرحلة المقبلة، الأندية ستعود تدريجيًا للرؤساء أصحاب الإمكانيات المالية، هكذا تبدو الأمور لي".

وتصريحات الفراج أثارت تفاعلًا واسعًا بين المهتمين بالشأن الرياضي، بين مؤيد يرى فيها واقعية في توصيف المرحلة المقبلة، ومعارض يعتبرها تقليصًا مبكرًا لطموحات الجماهير التي بدأت للتو تلمس آثار الاستثمارات الكبرى في دوري روشن، أبرزها التعاقد مع عدد من النجوم العالميين.

ولا يمكن الحديث عن الاستثمار في الأندية دون الإشارة إلى الطفرة غير المسبوقة التي شهدها الدوري السعودي في استقطاب أبرز نجوم كرة القدم حول العالم خلال الأعوام القليلة الماضية، فقد شهدت الملاعب السعودية انتقال أسماء بحجم كريستيانو رونالدو إلى النصر، وكريم بنزيما إلى الاتحاد، ونيمار جونيور إلى الهلال، إضافة إلى الجزائري رياض محرز الذي انضم إلى الأهلي.

وهذه التعاقدات الضخمة، التي تم دعمها مباشرة من قبل صندوق الاستثمارات العامة، رفعت من سقف التوقعات لدى الجماهير السعودية والعربية، وأعطت مؤشرًا قويًا على أن الدوري السعودي يسير بخطى متسارعة نحو العالمية.

وغير أن تصريحات الفراج أعادت فتح باب النقاش حول مدى استدامة هذا الزخم، وهل كانت المرحلة الماضية مجرد دفعة أولى لإعادة بناء البنية التحتية والسمعة العالمية للدوري، أم أن الدعم سيستمر بوتيرة أقل وأكثر انتقائية، في ظل ما وصفه بـ"نهاية مرحلة رفع الجودة" والانتقال إلى "إدارة الموارد".

وتصريحات الفراج لا تأتي في فراغ، بل تتقاطع مع توجهات اقتصادية أوسع تسعى فيها المملكة إلى ترشيد الإنفاق العام وتعزيز استدامة القطاعات، بما فيها الرياضة، فمشروع تخصيص الأندية لا يقتصر على الملكية، بل يشمل تحويلها إلى كيانات اقتصادية مستقلة تحقق عوائد ذاتية من خلال التذاكر، والرعاية، والتسويق، وحقوق البث، وغيرها من مصادر الدخل.

ويشير خبراء إلى أن هذه التحولات تتماشى مع رؤية 2030 التي تقضي بتحويل الأندية من كيانات تعتمد على الدعم الحكومي المباشر إلى مؤسسات تنافسية تتمتع بالاستقلال المالي والإداري، مما يعزز فرصها في البقاء والنمو طويل الأمد.

وعلى الرغم من أن الفراج لم يصرح رسميًا بتوقف الدعم، إلا أن اختياره للكلمات في تغريدته حمل نبرة تحذيرية، وفسره كثيرون على أنه تسريب مبكر لتحولات حقيقية في السياسة التمويلية، وقد عبر بعض المشجعين عن قلقهم من أن تؤدي هذه التحولات إلى تراجع في مستوى الصفقات أو الطموحات القارية والدولية للأندية، في حين رأى آخرون أن المرحلة المقبلة قد تكون أكثر واقعية وتركز على بناء الكفاءة الداخلية بدلًا من الاعتماد على "المال السهل".

ويبقى السؤال المطروح: هل نحن أمام بداية مرحلة جديدة في كرة القدم السعودية، تقوم على الكفاءة والتمويل الذاتي؟ أم أن هذه التصريحات تأتي في إطار إعادة تقييم للمرحلة السابقة ومحاولة ضبط إيقاع التوقعات؟

وفي كل الأحوال، تصريحات الفراج نجحت في تسليط الضوء على ملف شائك وحساس، وهو مستقبل الاستثمار الرياضي في المملكة، ومدى توازن المعادلة بين الطموحات الكبرى والاستدامة الاقتصادية.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية