الإمارات .. قرار حظر العمل يدخل حيز التنفيذ غدًا ويستمر حتى هذا الموعد

كتب بواسطة: محمود العادل | نشر في

تبدأ غداً دولة الإمارات العربية المتحدة تطبيق قرار حظر العمل وقت الظهيرة، الذي يستهدف حماية العاملين من أخطار التعرض المباشر لأشعة الشمس والحرارة الشديدة خلال أشهر الصيف، وذلك من الساعة 12:30 ظهراً حتى الساعة الثالثة بعد الظهر، ويستمر حتى الخامس عشر من سبتمبر المقبل.

ويعد هذا القرار السنوي واحداً من أبرز السياسات المعتمدة في منظومة حماية حقوق العمال وتعزيز بيئة العمل الصحية، إذ يحدّ من مخاطر الإنهاك الحراري وضربات الشمس، ويترجم التزام الدولة بتطبيق معايير السلامة المهنية المعترف بها دولياً.

وفي هذا السياق، أجرى معالي الدكتور عبدالرحمن العور، وزير الموارد البشرية والتوطين، ووزير التعليم العالي والبحث العلمي بالإنابة، زيارة ميدانية لأحد مواقع العمل الإنشائية في دبي، للاطلاع على مدى الجاهزية والاستعداد لتطبيق القرار في مراحله الأولى.

واستمع معاليه إلى شرح قدمه طارق خانصاحب، رئيس مجلس إدارة شركة خانصاحب للهندسة المدنية، استعرض خلاله المبادرات المستدامة التي تبنتها الشركة لتعزيز بيئة العمل الآمنة للعاملين، والتدابير المطبقة لحمايتهم من آثار الطقس القاسي.

وشملت الإجراءات توفير أماكن مظللة ومكيفة لاستراحة العمال خلال فترة الحظر، بالإضافة إلى توزيع مياه شرب باردة وتقديم وسائل ترفيه بسيطة تضمن راحة الموظفين وتخفف عنهم وطأة الحرارة المرتفعة.

كما أعرب العور عن تقديره للمستوى المتقدم الذي وصلت إليه الشركة في مجال الصحة المهنية والمسؤولية المجتمعية، مشيداً بوعيها المؤسسي والتزامها الصارم بالتوجيهات الحكومية ذات الصلة برفاه العمال.

وشدد على أن التفاعل الإيجابي من شركات القطاع الخاص يمثل ركناً أساسياً في دفع عجلة التنمية المستدامة، ويعكس الصورة الحضارية لسوق العمل الإماراتي، القائم على احترام الإنسان وتوفير مقومات العيش الكريم له.

ورافق الوزير في الزيارة عدد من الشركاء من المؤسسات الوطنية، من بينهم ممثلون عن مصرف أبوظبي الإسلامي، ومجموعة أستر الطبية، والشركة الوطنية للمواد الغذائية، حيث ساهموا في تقديم خدمات ميدانية مباشرة للعمال.

وشملت هذه الخدمات إجراء فحوص طبية وقائية، وتقديم نصائح توعوية حول طرق تجنب الإنهاك الحراري، والتعامل السليم مع المؤشرات المبكرة للإعياء المرتبط بدرجات الحرارة المرتفعة.

وأكد ممثلو الجهات المشاركة أن دعم العمال لا يقتصر على توفير بيئة عمل آمنة فحسب، بل يتجاوز ذلك إلى تعزيز الصحة النفسية والجسدية لهم، باعتبارهم جزءاً لا يتجزأ من النسيج الاقتصادي والاجتماعي في الدولة.

ويأتي تطبيق هذا القرار للعام الحادي والعشرين على التوالي، ما يعكس استمرارية النهج الإماراتي في ترسيخ منظومة متكاملة لحقوق العمال تقوم على التشريعات الرصينة والمبادرات الوقائية.

ومنذ إطلاقه عام 2005، أثبت قرار حظر العمل وقت الظهيرة فاعليته في تقليل الإصابات المرتبطة بالحرارة، وساهم في رفع مستوى الالتزام بمعايير السلامة داخل مواقع العمل المكشوفة.

وتواصل وزارة الموارد البشرية والتوطين تنفيذ حملات توعوية موسعة تستهدف أصحاب العمل والعاملين، لنشر الوعي بالقرار وتوضيح أهدافه، إضافة إلى آليات الرقابة والتفتيش التي تضمن حسن التطبيق.

كما أتاحت الوزارة قنوات اتصال متنوعة للإبلاغ عن أية مخالفات، انطلاقاً من إيمانها بدور المجتمع في المراقبة الإيجابية، وبناء ثقافة تشاركية في حماية حقوق الفئات العمالية.

وتندرج هذه الجهود ضمن التوجهات الاستراتيجية للدولة نحو دعم منظومة العمل اللائق، وتحقيق التوازن بين الإنتاجية وحقوق الإنسان، خصوصاً في القطاعات التي تعتمد على الجهد البدني في ظروف مناخية صعبة.

ويتوقع أن يسهم القرار في تحسين جودة الحياة المهنية لآلاف العمال، خصوصاً في القطاعات الإنشائية والصناعية، عبر تقليل أوقات التعرض المباشر لأشعة الشمس، وتعزيز ثقافة الاستراحة الوقائية.

ويعد حظر العمل وقت الظهيرة أحد المكونات الأساسية في خارطة السياسات العمالية التي تتبناها الدولة للارتقاء بمعايير العمل، وتقديم نموذج عالمي في رعاية القوى العاملة.

وبينما تتجه الأنظار نحو مزيد من المبادرات التي تدعم الصحة المهنية، تبقى التجربة الإماراتية في هذا المجال نموذجاً يحتذى إقليمياً، نظراً لحرصها على المواءمة بين الاعتبارات الإنسانية والاقتصادية.

ويعكس القرار رؤية الدولة في بناء بيئة عمل أكثر أماناً وإنصافاً، قائمة على احترام الجهد البشري، وحماية العمال من أي ممارسات قد تعرض حياتهم للخطر أو تتعارض مع كرامتهم المهنية.

ومع انطلاق تطبيق الحظر غداً، تتجدد الرسالة بأن الإمارات تضع الإنسان في صلب أولوياتها، وأن كل إجراء يُتخذ في هذا الإطار هو خطوة نحو سوق عمل أكثر مرونة وعدالة واستدامة.

اقرأ ايضاً