طقس لاهب في الأحساء: درجات الحرارة تلامس 50 مئوية وتحذيرات من التعرض لأشعة الشمس المباشرة

تشهد محافظة الأحساء، شرق المملكة العربية السعودية، اليوم الأربعاء، موجة حرّ شديدة تُعدّ من الأشد على الإطلاق منذ بداية فصل الصيف هذا العام، حيث تلامس درجات الحرارة العظمى حاجز الـ50 درجة مئوية، في ظل تحذيرات متكررة أطلقها المركز الوطني للأرصاد الجوية بشأن الأجواء الملتهبة التي تضرب المنطقة وعددًا من مدن المملكة.
وبحسب التحديث الأخير الصادر عن المركز الوطني للأرصاد، فإن درجة الحرارة العظمى في الأحساء يُتوقع أن تصل إلى 50 مئوية خلال ساعات النهار، فيما تسجل الحرارة الصغرى قرابة 30 درجة، ما يعني أن الفرق الحراري بين الليل والنهار لا يوفّر متنفسًا حقيقيًا لسكان المنطقة، ويُرجّح استمرار هذه الأجواء الحارقة خلال الأيام القادمة، خصوصًا مع تزايد تأثير الكتلة الهوائية الجافة القادمة من الجنوب الشرقي للجزيرة العربية.
وتأتي هذه الموجة ضمن سلسلة من الظواهر المناخية الحادة التي يشهدها العالم هذا العام، حيث توقع خبراء الأرصاد الجوية أن تشهد العديد من دول الشرق الأوسط، مثل السعودية والكويت والعراق وليبيا، ارتفاعات غير مسبوقة في درجات الحرارة، لا سيما خلال شهري يوليو وأغسطس القادمين، مقارنة بمعدلات عام 2024.
وحذّر المركز الوطني للأرصاد في بيانه من خطورة التعرض المباشر لأشعة الشمس، خصوصًا خلال ساعات الذروة الممتدة من الساعة 11 صباحًا حتى 4 مساءً، داعيًا المواطنين والمقيمين إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة، ومنها الإكثار من شرب المياه، وتجنب الأنشطة الخارجية، وارتداء الملابس القطنية الفاتحة والقبعات الواقية.
وتُعد محافظة الأحساء من المناطق المعروفة بحرارتها المرتفعة صيفًا نظرًا لطبيعتها الصحراوية وموقعها الجغرافي، إلا أن ما تشهده اليوم يندرج ضمن نمط مناخي أوسع يصفه خبراء المناخ بـ"التحول الحراري المتسارع"، والذي بات يُصيب مناطق شاسعة من الكرة الأرضية، حيث لوحظ ازدياد في شدة الفصول المتطرفة، سواء في درجات الحرارة أو أنماط الأمطار والرياح.
وفي هذا السياق، يشير عدد من الدراسات المناخية الحديثة إلى أن ارتفاع درجات الحرارة في دول الخليج العربي أصبح مرتبطًا بشكل مباشر بتغير المناخ العالمي، وتزايد انبعاثات الغازات الدفيئة، مما يفاقم من الظواهر المناخية المتطرفة، ويؤثر بشكل كبير على الصحة العامة والأنشطة الاقتصادية، خصوصًا في قطاعات الزراعة والنقل والطاقة.
ولا يعد ارتفاع درجات الحرارة إلى هذا الحدّ مجرد ظاهرة موسمية، بل له تبعات مباشرة على تفاصيل الحياة اليومية في الأحساء، إذ تتأثر مواعيد العمل في كثير من المنشآت والقطاعات، كما تُتخذ تدابير وقائية في المدارس والمستشفيات والمصانع، من أجل حماية الأفراد من خطر الإصابة بضربات الشمس والإجهاد الحراري.
وتقوم فرق الدفاع المدني والجهات الصحية بتكثيف جهودها في الأيام التي تشهد درجات حرارة مرتفعة للغاية، من خلال توفير نقاط إسعاف ميدانية، وتوزيع المنشورات التوعوية، كما تعمل البلديات على رش المياه في الشوارع الحيوية لتخفيف امتصاص الحرارة، ولو بشكل جزئي.
كما أعلنت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية استمرار تطبيق قرار حظر العمل تحت أشعة الشمس في ساعات الظهيرة، والذي بدأ سريانه منذ مطلع يونيو، ويستمر حتى منتصف سبتمبر، حفاظًا على صحة وسلامة العاملين في المواقع المفتوحة.
ولا يلقي الطقس اللاهب بظلاله فقط على الحياة اليومية، بل يمتد تأثيره إلى القطاعات الاقتصادية المختلفة، وعلى رأسها القطاع السياحي، إذ تؤدي موجات الحر الشديدة إلى عزوف ملحوظ في حركة الزوار والسياح الداخليين عن مناطق مثل الأحساء، رغم غناها التاريخي والطبيعي، مما ينعكس سلبًا على الفنادق والمطاعم والأنشطة الترفيهية.
وفي المقابل، تنشط بعض قطاعات الأعمال الموسمية التي تُعنى بتوفير مكيفات الهواء والمبردات والمياه المعبأة، وتشهد ارتفاعًا ملحوظًا في الطلب، مما يعكس جانبًا من الديناميكية التي تفرضها الظروف المناخية على طبيعة السوق المحلي.
وبحسب المؤشرات الحالية والتوقعات الفصلية الصادرة عن المركز الوطني للأرصاد، فإن درجات الحرارة ستستمر في الارتفاع التدريجي خلال الأسابيع القادمة، مع احتمالية تسجيل موجات حر مماثلة أو أشد خلال شهري يوليو وأغسطس، مما يدفع السلطات المحلية إلى البقاء في حالة تأهب مستمر، وتعزيز حملات التوعية المجتمعية بمخاطر الطقس الحار وكيفية التعايش معه بأمان.
ويُوصي خبراء الطقس بتوفير عزل حراري مناسب للمنازل، ومراجعة صيانة أجهزة التكييف بشكل دوري، وتحسين تصميمات الأبنية بما يراعي البيئة الصحراوية، كأحد الحلول المستدامة لمواجهة تداعيات موجات الحر.
وفي الختام، فإن ما تشهده الأحساء اليوم من ارتفاع لاهب في درجات الحرارة ليس حدثًا معزولًا، بل هو جرس إنذار منبّه لحقيقة علمية آخذة في التبلور، مفادها أن التغير المناخي لم يعد ترفًا نظريًا أو أمرًا مستقبليًا، بل واقعًا يوميًا ملموسًا يفرض تحدياته على الجميع، ويستدعي استجابات جماعية واعية وعملية.
- طقس شديد الحرارة ورياح مثيرة للغبار تضرب عدة مناطق في المملكة اليوم
- هيئة تقويم التعليم والتدريب: هذا موعد ظهور نتائج التحصيلي 2025
- اللي اشترى شبكة اشترى | جرام الذهب في مصر يعود للارتفاع من جديد
- ارتفاع عقود نفط برنت | سعر النفط في السعودية له تأثيرات كبيرة على الاقتصاد
- صدمت الجماهير| "هدى حسين" ترقص في العرض الأخير لها من مسرحية "السحر الأسود" بالرياض