"وقاء" يحول تحديات الحج إلى انتصارات: درع المملكة ضد الأوبئة والآفات!

كتب بواسطة: صلاح الأحمر | نشر في

في موسم حج استثنائي شهد ملايين الزوار من شتى بقاع الأرض، برز دور المركز الوطني للوقاية من الآفات النباتية والأمراض الحيوانية ومكافحتها "وقاء" كعنصر حيوي في تحقيق بيئة صحية وآمنة، ليس لضيوف الرحمن فحسب، بل وللثروة الحيوانية والنباتية التي تُعد ركيزة أساسية للأمن الغذائي والبيئي في المملكة العربية السعودية.

ولقد أثمرت جهود المركز خلال موسم حج 1446هـ عن نتائج نوعية تعكس مستوى الجاهزية والاحترافية في التعامل مع التحديات البيطرية والزراعية، ووضع أسس متينة لضمان استدامة هذه الثروات الحيوية.

لقد كانت مهمة "وقاء" خلال موسم الحج متعددة الأوجه، شاملة لخطوط دفاعية أولية لمنع دخول الأمراض، وجهود مكثفة للتقصي والمكافحة، وصولًا إلى ضمان جاهزية فرق العمل للتعامل مع أي طارئ في صميم هذه الجهود، تبرز عملية الكشف البيطري الدقيق على المواشي، حيث قام المركز بفحص أكثر من 1,194,093 رأسًا من المواشي في حظائر الموردين الواقعة خارج حدود المشاعر المقدسة.

هذه العملية لا تقتصر على الفحص البصري، بل تشمل إجراءات بيطرية متقدمة للتأكد من خلو هذه الأنعام من أي أمراض قد تنتقل إلى الإنسان أو إلى قطعان أخرى، وبالتالي ضمان سلامة الأضاحي والهدي التي يتوجه بها الحجاج والمعتمرين إلى الله، هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بل هي شهادة على حجم العمل الجبار والجهد المتواصل الذي بذلته فرق "وقاء" على مدار الساعة، لضمان أعلى معايير الصحة والسلامة.

تتكامل هذه الجهود مع الدور المحوري الذي يقوم به المركز في المنافذ البرية المؤدية إلى العاصمة المقدسة. ففي سبعة منافذ حيوية، قام "وقاء" بفسح أكثر من 1,224,634 رأسًا من الإرساليات، بعد التأكد التام من سلامتها وخلوها من أي آفات أو أمراض.

وهذا الإجراء الوقائي يُعد بمثابة سد منيع يمنع تسرب أي تهديدات بيولوجية قد تأتي من خارج المنطقة، ويضمن أن تكون الثروة الحيوانية المتداولة في المشاعر المقدسة صحية تمامًا، إن دقة هذه الإجراءات وأهميتها تتجلى في الأعداد الهائلة من المواشي التي يتم التعامل معها يوميًا خلال موسم الحج، مما يتطلب نظامًا رقابيًا صارمًا وكوادر مؤهلة للتعامل مع هذه التحديات اللوجستية والبيطرية المعقدة.

ولم يقتصر عمل "وقاء" على الجانب الوقائي فحسب، بل امتد ليشمل الرقابة المباشرة والتوعية في الأسواق والمسالخ التي تشهد حركة غير مسبوقة خلال موسم الحج، لقد نفذ المركز 3,331 جولة رقابية وتوعوية على أسواق الماشية والمسالخ، بهدف التأكد من تطبيق الاشتراطات الصحية والمعايير البيطرية، وتقديم الإرشادات اللازمة للتجار والمستهلكين على حد سواء، هذه الجولات تساهم في رفع مستوى الوعي المجتمعي بأهمية النظافة والوقاية من الأمراض، وتعزيز السلوكيات الصحية السليمة.

إلى جانب ذلك، أجرى "وقاء" 3,293 جولة ميدانية للتقصي ومكافحة نواقل الأمراض، وهو ما يعكس استجابة المركز السريعة لأي بلاغات أو مؤشرات قد تدل على وجود بؤر للأمراض، مما يتيح التدخل الفوري والفعال للسيطرة عليها ومنع انتشارها، وبالتالي حماية صحة الإنسان والحيوان على حد سواء.

وعلى صعيد الصحة النباتية، التي تُعد ركيزة أساسية للبيئة المستدامة، قام "وقاء" بجهود استكشاف ومكافحة واسعة النطاق. فقد تم استكشاف ما يزيد عن 97,907 هكتارات في منطقة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، بهدف رصد ومكافحة الآفات النباتية الضارة مثل الجراد الصحراوي، والجندب الأسود، والنطاط.

وهذه الآفات، إذا لم يتم السيطرة عليها، يمكن أن تسبب أضرارًا جسيمة للغطاء النباتي والمحاصيل الزراعية. إن هذه العمليات الاستباقية في مجال الصحة النباتية تضمن حماية البيئة الخضراء للمشاعر المقدسة، وتساهم في تحقيق التوازن البيئي الذي يُعد جزءًا لا يتجزأ من جودة الحياة.

ولتعزيز الجاهزية والتنسيق بين جميع الجهات المعنية في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، أجرى المركز فرضيتين ميدانيتين محاكاتين لسيناريوهات طارئة في مجالي الآفات النباتية والأمراض الحيوانية، هذه الفرضيات لم تكن مجرد تدريبات روتينية، بل كانت بمثابة اختبار حقيقي لمدى فعالية الخطط المعدة، وقدرة الفرق الميدانية على التعامل السريع والفعال مع أي طارئ أو إصابة محتملة.

إن نتائج هذه الفرضيات أكدت على مستوى عالٍ من الجاهزية والتنسيق، مما يبعث على الاطمئنان بأن المملكة تمتلك كوادر وأنظمة قادرة على حماية ثرواتها الحيوية وسلامة بيئتها، حتى في ظل الظروف الاستثنائية التي يفرضها موسم الحج.

وهكذا، يواصل "وقاء" تأكيد دوره كدرع واقٍ، لا يحمي الثروة الحيوانية والنباتية فحسب، بل يساهم بشكل مباشر في توفير بيئة صحية وآمنة لضيوف الرحمن، مما يضمن لهم أداء مناسكهم بكل يسر وطمأنينة.

اقرأ ايضاً