لأوّل مرة في المشاعر المقدسة: "درونز" تنقل الأدوية للحجاج بسرعة ودقة

كتب بواسطة: عبدالرحمن الباشا | نشر في

في خطوة نوعية وغير مسبوقة، أعلنت المنظومة الصحية في المملكة العربية السعودية عن نجاح التشغيل التجريبي لنقل الأدوية والمستلزمات الطبية باستخدام طائرات الدرونز في المشاعر المقدسة، خلال موسم حج 1446هـ، وذلك في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز كفاءة الخدمات الصحية وتقديم رعاية طبية سريعة وآمنة لضيوف الرحمن.

وتمثل المبادرة الجديدة نقلة نوعية في أساليب الإمداد الطبي خلال مواسم الحج، وتؤكد التزام المملكة بالتوظيف الأمثل للتقنيات الحديثة لخدمة الحجاج وتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030.

وأوضحت المنظومة الصحية أن هذه التجربة، التي نُفذت للمرة الأولى، جاءت ثمرة تعاون فعّال بين تجمع مكة المكرمة الصحي والشركة الوطنية للشراء الموحد للأدوية والأجهزة والمستلزمات الطبية "نوبكو"، وذلك لتأمين الاحتياجات الدوائية للمشاعر المقدسة خلال موسم الحج.

وقد شملت هذه الخطوة استخدام طائرات مسيّرة (درونز) مجهزة لنقل الأدوية والمستلزمات الطبية الحيوية بين مراكز الرعاية الأولية والمستشفيات المنتشرة في مشعري منى وعرفات.

وتُعد هذه المبادرة أحد أبرز مخرجات الاستعدادات الصحية المكثفة لموسم الحج، إذ تسهم بشكل مباشر في رفع كفاءة نقل الأدوية في المواقع ذات الكثافة العالية وصعوبة الحركة بسبب الزحام، مما يساعد على تسريع الاستجابة لحالات الطوارئ وتوفير الأدوية اللازمة في الوقت المناسب.

وقد تم خلال موسم حج هذا العام تزويد مستشفى منى الطوارئ عبر الطيران العمودي بكميات من أكياس الثلج المُخصّصة لعلاج حالات الإجهاد الحراري وضربات الشمس، والتي تزداد معدلاتها خلال أداء مناسك رمي الجمرات في أول أيام عيد الأضحى.

ويعكس هذا الإجراء الجاهزية العالية للفرق الصحية وتعزيز كفاءة الاستجابة الفورية للحالات الطارئة، بالاعتماد على تقنيات حديثة وعمليات لوجستية مدروسة.

وتمر خدمة نقل الأدوية بواسطة طائرات الدرونز بعدة مراحل دقيقة تبدأ من الإعداد والتحضير، حيث يُجرى تحديد الكميات المطلوبة من الأدوية والمستلزمات الطبية، ويلي ذلك التنسيق مع المواقع الصحية المستفيدة.

ثم تأتي مرحلة تجهيز الأدوية وفق أحدث التقنيات المطابقة لاشتراطات الهيئة العامة للغذاء والدواء، مع التأكد من سلامة التعبئة وملاءمتها للنقل الجوي.

بعدها، يتم حجز وصرف بنود الأدوية والمستلزمات الطبية والمخبرية من خلال النظام الموحد، وتسليمها إلى المواقع المقررة في المشاعر المقدسة، ثم تأتي مرحلة النقل التي تتضمن جدولة مسارات الرحلات الجوية باستخدام الدرونز، وتحديد الأوقات المناسبة للتسليم وفق خريطة الحركة داخل المشاعر، لتصل الأدوية إلى وجهاتها المحددة بسلامة وسرعة.

وتُختتم العملية بمرحلة المتابعة والمراقبة، حيث تتم متابعة حركة الطائرات وعمليات التسليم عبر شاشة تحكم مركزية، تتيح مراقبة المخزون وتدفق الإمدادات في الوقت الفعلي، والتدخل الفوري في حال حدوث أي تأخير أو خلل في العملية اللوجستية.

وتؤكد هذه المبادرة التزام الجهات الصحية في المملكة بالابتكار وتبني أحدث وسائل التقنية لخدمة ضيوف الرحمن، وتوفير تجربة حج آمنة وصحية للجميع.

كما تأتي ضمن مستهدفات برنامج "رؤية السعودية 2030"، الذي يركّز على تحسين جودة الحياة، ورفع كفاءة الخدمات الصحية، وتمكين القطاع الصحي من مواجهة التحديات المختلفة من خلال التحول الرقمي وتعزيز البنية التحتية الصحية.

ويُذكر أن استخدام طائرات الدرونز في قطاع الصحة بدأ يلقى اهتمامًا متزايدًا على المستوى العالمي، نظرًا لقدرتها على تجاوز التحديات الجغرافية والزحام، وتوفير الوقت والتكلفة في عمليات النقل الطبي، لا سيما في البيئات التي تتطلب سرعة استجابة عالية مثل موسم الحج.

ويمثّل نجاح هذه التجربة خطوة واعدة نحو تبنّي المزيد من الحلول التقنية المستقبلية في قطاع الحج والعمرة، ويدل على أن المملكة تسير بخطى واثقة نحو تحقيق التميز في إدارة مواسم الحج من خلال الابتكار والتكامل المؤسسي.

ومن المتوقع أن يتم تعميم هذه التجربة خلال المواسم القادمة لتشمل خدمات إضافية أخرى، ما يعزّز من جاهزية القطاع الصحي، ويمنح ضيوف الرحمن تجربة أكثر راحة واطمئنانًا.

وبهذه الخطوة، تؤكد المملكة مرة أخرى أنها تسعى دومًا لتكون في طليعة الدول التي توظف التكنولوجيا لخدمة الإنسان، ولا سيما في مواسم الحج التي تستقطب ملايين المسلمين من مختلف أنحاء العالم، لتؤدي دورها التاريخي والديني والإنساني على أكمل وجه.

اقرأ ايضاً