الكويت تسحب الجنسية من شيوخ قبيلتي شمر وعنزة: قرار مفاجئ يُثير تساؤلات واسعة

كتب بواسطة: حاتم الصهيب | نشر في

في خطوة مفاجئة أثارت جدلاً واسعاً داخل الأوساط الاجتماعية والسياسية في البلاد، قررت السلطات الكويتية سحب الجنسية من عدد من شيوخ قبيلتي شمر وعنزة، أبرزهم شيوخ "آل جربا" من شمر و"آل هذال" من عنزة، بالإضافة إلى من يتبعهم.

وقد شمل القرار، الذي أصدرته اللجنة العليا لتحقيق الجنسية في الأول من يونيو 2025، أيضاً سحب الجنسية من الإعلامي المعروف شعيب راشد سالم فلاح فدغوش الهاجري، مما زاد من حدة النقاشات حول خلفيات الخطوة وتداعياتها المحتملة على الساحة الداخلية.

وأعلنت اللجنة العليا لتحقيق الجنسية في الكويت، وهي الجهة المخولة بمراجعة وتدقيق ملفات الجنسية، عن اتخاذها قراراً رسمياً يقضي بسحب الجنسية الكويتية من عدة شخصيات بارزة تنتمي إلى قبيلتين من أكبر القبائل العربية في البلاد، وهما قبيلة شمر ممثلة بـ"آل جربا"، وقبيلة عنزة ممثلة بـ"آل هذال".

وقد شمل القرار سحب الجنسية من الشيوخ وأسرهم وأتباعهم، في إجراء غير مسبوق من حيث طبيعته الرمزية والاجتماعية، ولم تُعلن السلطات حتى الآن عن الأسباب التفصيلية الكامنة وراء هذا القرار.

إلا أن مصادر مطلعة أشارت إلى أن اللجنة استندت إلى مواد قانون الجنسية الكويتية التي تجيز سحب الجنسية في حالات معينة، من بينها الحصول عليها عن طريق الغش أو الإدلاء ببيانات غير صحيحة، أو في حال الإخلال بولاء الشخص للدولة أو انخراطه في أنشطة تُعتبر مضرة بالمصلحة العامة أو الأمن القومي.

وكان من أبرز الأسماء التي طالتها القرارات الإعلامي شعيب راشد سالم فلاح فدغوش الهاجري، وهو من الشخصيات الإعلامية المعروفة في الكويت وله حضور جماهيري واسع على المنصات الرقمية، مما أثار تساؤلات حول ما إذا كان القرار مرتبطًا بمواقفه الإعلامية أو نشاطه العام، خصوصًا أنه لم يصدر أي تعليق رسمي من الجهات المعنية يوضح دوافع هذا الإجراء تجاهه.

ومن الناحية القانونية، يستند سحب الجنسية في الكويت إلى أحكام قانون الجنسية الصادر عام 1959، الذي يتيح لوزارة الداخلية أو اللجنة العليا لتحقيق الجنسية سحب الجنسية في عدد من الحالات المحددة، بما فيها تزوير المعلومات أثناء التقديم، أو الإخلال بشروط منح الجنسية، أو ممارسة أنشطة تمس الأمن الوطني أو المصالح العليا للدولة.

وفي السياق الاجتماعي، يُعد قرار سحب الجنسية من شيوخ قبائل كبيرة مثل شمر وعنزة سابقة ذات دلالات عميقة، إذ تتمتع هذه القبائل بتاريخ طويل وعلاقات اجتماعية مترامية في الكويت والمنطقة الخليجية عمومًا، كما أن شيوخ هذه القبائل غالبًا ما يؤدون أدوارًا اعتبارية داخل المجتمع.

وقد أثار القرار حالة من القلق بين أفراد القبائل، وسط دعوات لتوضيح المبررات القانونية والسياسية خلف هذا الإجراء، ورغم أن الجهات الرسمية لم تصدر بيانًا تفصيليًا بشأن خلفيات القرار، إلا أن الخطوة قوبلت بردود فعل متباينة على منصات التواصل الاجتماعي.

فقد عبّر بعض المستخدمين عن استغرابهم من التوقيت وطبيعة الأسماء المستهدفة، بينما رأى آخرون أن القرار يأتي في إطار فرض القانون دون اعتبار للمكانة الاجتماعية أو الانتماء القبلي.

وأبدى عدد من النشطاء الحقوقيين مخاوفهم من أن تكون القرارات جزءًا من سياسة أوسع لإعادة ترتيب المشهد الاجتماعي أو تضييق مساحة الحريات، مطالبين بمزيد من الشفافية في ملفات الجنسية، خاصة حين تتعلق بأسماء معروفة على المستويين القبلي أو الإعلامي.

وفي هذا السياق، دعا عدد من النواب السابقين والفاعلين الاجتماعيين إلى تحرك برلماني لمساءلة الجهات المعنية حول أسباب هذه القرارات، وإلى تشكيل لجنة مستقلة للنظر في حالات سحب الجنسية، لما لهذا الموضوع من تأثيرات مباشرة على النسيج المجتمعي وعلى مفهوم المواطنة في البلاد.

ويأتي قرار سحب الجنسية في وقت تشهد فيه الكويت حالة من التوتر السياسي والاجتماعي الداخلي، مدفوعة بمطالب الإصلاح ومكافحة الفساد، وسط تحديات اقتصادية متزايدة.

ويرى بعض المراقبين أن قرارات من هذا النوع قد تعكس توجهًا رسميًا لإعادة ضبط التوازنات الاجتماعية أو تحجيم بعض القوى التقليدية التي قد لا تتناغم بالكامل مع الرؤية الرسمية للمرحلة المقبلة.

ويرجح آخرون أن القرار مرتبط بمراجعات أوسع لملفات الجنسية في البلاد، خاصة أن الكويت شهدت في السنوات الأخيرة مطالبات متكررة بضرورة تدقيق ملفات المجنسين والتأكد من قانونيتها، في ظل الجدل الدائم حول التركيبة السكانية والهوية الوطنية.

وفي ظل استمرار الصمت الرسمي بشأن التفاصيل الدقيقة للقرار، تبقى تداعيات سحب الجنسية من شيوخ قبيلتي شمر وعنزة، إضافة إلى الإعلامي شعيب راشد، قيد المتابعة والتحليل.

وبينما يترقب الرأي العام توضيحات رسمية قد تلقي الضوء على أسباب هذه الخطوة، يُطرح السؤال الأهم: هل نحن أمام مرحلة جديدة من إعادة رسم مشهد المواطنة في الكويت؟ أم أن الأمر لا يتعدى كونه إجراءً قانونيًا محضًا في إطار مراجعة شاملة لملفات الجنسية؟ الأيام المقبلة وحدها كفيلة بالإجابة.

اقرأ ايضاً