السعودية تُخفض الأمراض المعدية بنسبة 87.5% ضمن ثورة صحية استباقية

بالرؤية الوقائية والنهج الاستباقي، أحرزت المملكة العربية السعودية تقدمًا بارزًا في مسيرة تحول القطاع الصحي خلال عام 2024، وفق ما كشفه التقرير السنوي الصادر مؤخرًا، والذي أكد على أن المملكة تمضي بخطى واثقة نحو ترسيخ الحصانة الصحية المجتمعية، وتعزيز الوعي، وتوسيع مظلة الوقاية من الأمراض، كأولوية قصوى في إطار تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030.
ويبرز التقرير أن القطاع الصحي لم يعد يكتفي بالاستجابة للعِلل بعد وقوعها، بل تحوّل جذريًا إلى منظومة وقائية متكاملة تُبنى على أسس من الكشف المبكر، والتحصين الجماعي، والتوعية الشاملة، مما أدى إلى خفض كبير في معدلات الإصابة بأمراض معدية كانت تشكل تهديدًا حقيقيًا لصحة المجتمع.
وشملت الإنجازات تقليص معدلات الإصابة بفيروس التهاب الكبد (ج)، وحمى الضنك، والدرن، والملاريا، والحصبة، والحصبة الألمانية، والكزاز الوليدي، إلى جانب كبح انتشار فيروس نقص المناعة المكتسب (HIV) بنسبة تجاوزت 87.5%.
ويُعزى هذا الانخفاض إلى حملات التحصين الوطنية المكثفة، والاستهداف الذكي لكافة الفئات العمرية، والتوسع في التوعية الوقائية بمختلف مناطق المملكة، وهو ما يعكس فعالية السياسات الصحية الاستباقية التي انتهجتها الدولة.
ولم يقتصر التحول على الجانب العلاجي فقط، بل تجاوز ذلك إلى بناء كفاءات وطنية في مجالات الصحة العامة من خلال إطلاق "أكاديمية الصحة العامة"، التي باتت منصة تدريب وطنية تهدف لتأهيل كوادر وقائية ذات جاهزية عالية.
وتُركز الأكاديمية على تنمية المهارات في التعامل مع الأوبئة والصحة البيئية، إلى جانب دعم الأبحاث التطبيقية في مجالات الأمراض المزمنة والسارية، بما يخلق بيئة علمية مستدامة تدعم السياسات الصحية الوطنية.
ومن المبادرات النوعية التي أشار إليها التقرير، برنامج الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية لدى المواليد، وهو برنامج يستهدف الحفاظ على الأجيال القادمة من الاعتلالات الوراثية والتغذوية وأمراض الدم الوراثية، مما يعكس اهتمام المملكة بصحة الطفل منذ ولادته، وتأكيدًا على أن الوقاية تبدأ من لحظات الحياة الأولى.
كما كشف التقرير عن إطلاق الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الغرق، في خطوة استباقية لمعالجة أحد أكثر أسباب الوفاة شيوعًا بين الأطفال واليافعين.
وتعمل هذه المبادرة من خلال توعية المجتمع، وتنفيذ تدريبات ميدانية، وتنسيق الجهود بين وزارتي التعليم والرياضة لتضمين مفاهيم الوقاية من الغرق ضمن المناهج الدراسية والأنشطة الصيفية، مع متابعة دقيقة لمؤشرات الأداء من خلال منصات إلكترونية متطورة.
أما على صعيد تحقيق الأمن الصحي والاكتفاء الذاتي، فقد شهدت مساعي توطين الصناعات الصحية في المملكة تطورًا ملحوظًا خلال عام 2024.
إذ تم تصنيع وتوطين 31 منتجًا صحيًا داخل المملكة، إلى جانب تفعيل 17 اتفاقية ضمن القائمة الإلزامية للمنتجات الوطنية في قطاع الرعاية الصحية والدوائية، ما يعزز من القدرة الوطنية على تأمين احتياجات القطاع محليًا، وتقليل الاعتماد على الواردات الخارجية.
وفي المجال النفسي، سلّط التقرير الضوء على جهود المركز الوطني لتعزيز الصحة النفسية، الذي أطلق مبادرات شاملة لتدريب مختلف شرائح المجتمع، من معلمين وموظفين صحيين وأفراد، على مهارات الدعم النفسي والتدخل السريع وقت الأزمات.
كما تم تطوير حقائب تدريبية متخصصة تمنح شهادات معتمدة، بهدف توسيع القاعدة المجتمعية الواعية بالصحة النفسية، وكسر حاجز الصمت حول اضطراباتها، وخفض وصمة العار المرتبطة بها.
ويؤكد التقرير أن هذه الجهود تصب في تعزيز أحد أبرز مستهدفات رؤية المملكة 2030، والمتمثل في تحسين جودة الحياة، وتطوير النظام الصحي من نموذج علاجي إلى نموذج وقائي يضمن الاستدامة الصحية، ويرفع متوسط العمر في المملكة.
وقد نجحت هذه الرؤية في رفع متوسط العمر المتوقع في المملكة إلى 78.8 عامًا، مع السعي للوصول إلى 80 عامًا بحلول عام 2030، عبر استراتيجيات صحية متكاملة تُمكّن المجتمع من التمتع بحياة صحية، ومجتمع حيوي، وتنمية شاملة.
وفي خضم هذه المنجزات، يتضح أن التحول الصحي في السعودية ليس مجرد تطوير للخدمات، بل هو نقلة نوعية شاملة في فلسفة الرعاية، تُعيد تشكيل المستقبل الصحي للمملكة على أسس علمية، وإنسانية، واستباقية، تحقق رفاه المواطن وتعزز الأمن الصحي الوطني.
- وزارة الحج والعمرة تعزّز تجربة الحجاج بمراكز "نُسك عناية" الجديدة
- وزارة الشؤون الإسلامية تطلق منظومة نقل ذكية لخدمة الحجاج
- في دوري أبطال آسيا.. غيابات مؤثرة في فريق النصر أمام استقلال طهران
- البنك المركزي السعودي يعلن عن مواعيد الدوام في رمضان 1446
- لمن تنطبق عليهم شروط الحج المجاني 2025.. متى ينتهي موعد التسجيل في حملة الراجحي للحج؟