الإمارات تُشعل سباق الذكاء الاصطناعي العربي بإطلاق "فالكون": نقلة نوعية بالريادة التكنولوج

في خطوة تؤكد عزمها على احتلال الصدارة في مجال الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم العربي، أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة اليوم رسميًا عن إطلاق نموذج الذكاء الاصطناعي الجديد "فالكون العربي"، المصمم خصيصًا لدعم وتطوير قدرات الذكاء الاصطناعي باللغة العربية.
ويُعد هذا النموذج أحد أكثر النماذج تطورًا في مجاله، حيث تم تطويره على يد فريق من الباحثين والخبراء التابعين لمعهد الابتكار التكنولوجي في أبوظبي، الذي يُعد الذراع البحثي المتقدم لمجلس أبحاث التكنولوجيا المتقدمة.
ويأتي "فالكون" ليجسّد طموحات الإمارات المتسارعة في أن تكون مركزًا محوريًا في صناعة الذكاء الاصطناعي عالميًا، مستفيدة من استثماراتها الاستراتيجية المتعددة، وموقعها الجيوسياسي الذي يربط بين الشرق والغرب.
ويتميز "فالكون العربي" بكونه أول نموذج ذكاء اصطناعي مفتوح المصدر مصمم بالكامل باللغة العربية، مع تغطية واسعة للهجات الإقليمية المتنوعة في العالم العربي، ما يمنحه تفوقًا عمليًا وواقعيًا على العديد من النماذج الأخرى التي تعاني من محدودية الفهم والتفاعل اللغوي في السياقات غير الإنجليزية.
وقد أشار معهد الابتكار التكنولوجي إلى أن "فالكون" أظهر أداءً متقدمًا يفوق نماذج أكبر منه بأضعاف في العديد من المؤشرات التقنية، مثل جودة النصوص المنتجة، ودقة الفهم اللغوي، وسرعة المعالجة.
وهو ما يجعله خيارًا مثاليًا للمؤسسات التعليمية والإعلامية والحكومية التي تسعى لتعزيز قدراتها الرقمية بالعربية، ويُعد هذا الإنجاز نقلة نوعية حقيقية في مسيرة تعريب التكنولوجيا، وتوسيع نطاق استخدام الذكاء الاصطناعي لخدمة المجتمعات العربية على نحو مباشر وفعال.
وفي السياق ذاته، أطلق المعهد كذلك نموذج "فالكون H1"، وهو نسخة مصغرة لكنها فعّالة من النموذج الرئيسي، موجّهة للاستخدامات الخفيفة والمتوسطة، وجرى مقارنته مع نماذج عالمية مثل "لاما 2" من ميتا و"Qwen" من علي بابا، حيث تفوّق عليها في اختبارات الفهم اللغوي والتلخيص والتفاعل النصي.
ويعكس هذا التقدم السريع رغبة الإمارات في كسر الاحتكار العالمي على نماذج الذكاء الاصطناعي، عبر تقديم نماذج محلية عالية الكفاءة وقابلة للاستخدام المفتوح من قبل المطورين والباحثين والجهات الفاعلة في مختلف القطاعات.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الجهود تأتي في وقت تتراجع فيه بعض الدول عن تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي المحلية، بسبب تكاليف البنية التحتية وتعقيد عمليات التدريب على البيانات، وهو ما يمنح "فالكون" ميزة تنافسية كبيرة إقليميًا ودوليًا.
ويكتسب هذا النموذج أهمية مضاعفة بالنظر إلى الإنجازات السابقة التي حققتها الإمارات في هذا المجال، إذ تصدّر نموذج "فالكون 40B" ترتيب نماذج الذكاء الاصطناعي المفتوحة المصدر عالميًا عام 2023 على منصة "Hugging Face"، وهو ما أكد حينها قدرة الدولة على خوض غمار المنافسة مع كبرى شركات التكنولوجيا في العالم.
وترافق إطلاق النسخ الجديدة من "فالكون" مع خطط توسعية ضخمة في البنية التحتية الرقمية، أبرزها إنشاء مركز بيانات بقدرة 5 جيجاوات في العاصمة أبوظبي، بالتعاون مع شركات أمريكية رائدة، فضلًا عن إبرام شراكة استراتيجية مع شركة "NVIDIA" العالمية لإنشاء أكبر مجمع لمراكز البيانات المتخصصة بالذكاء الاصطناعي في أوروبا، على أن يكون مقره في ألمانيا.
وتدل هذه المشاريع على أن الطموح الإماراتي لا يقتصر على الإنتاج البرمجي فحسب، بل يشمل بناء منظومة متكاملة تؤسس لموقع دائم في خارطة الذكاء الاصطناعي العالمية، وقد قوبل هذا الإعلان بترحيب واسع من الأوساط الأكاديمية والاقتصادية في المنطقة، حيث وصف خبراء التكنولوجيا هذا الإطلاق بأنه "تحول جوهري" في مسار صناعة الذكاء الاصطناعي باللغة العربية، وأداة استراتيجية للارتقاء بكفاءة المؤسسات العربية على مستوى المحتوى والبحث والتفاعل الآلي.
كما أشار اقتصاديون إلى أن امتلاك نموذج ذكاء اصطناعي عربي متطور يعزز من مكانة الإمارات كوجهة إقليمية للاستثمار في تقنيات المستقبل، ويساعد في خلق بيئة رقمية متكاملة تدعم الابتكار وريادة الأعمال.
وأكد محللون أن "فالكون" قد يُحدث تأثيرًا إيجابيًا واسعًا على سوق العمل الرقمي، خصوصًا في مجالات الترجمة التلقائية، وخدمة العملاء، وتحليل البيانات، والتعلّم الإلكتروني، حيث سيكون بمقدور المؤسسات استخدام تقنيات لغوية أكثر دقة وسرعة وملاءمة للثقافة المحلية.
وفي نهاية المطاف، يعكس إطلاق "فالكون العربي" إصرار الإمارات على عدم الاكتفاء بدور المستهلك للتكنولوجيا، بل التحول إلى منتج ومنافس عالمي في أحد أكثر المجالات حساسية وتأثيرًا في مستقبل البشرية.
وبينما تستمر الدول الكبرى في سباقها المحموم نحو تطوير نماذج عملاقة، تسير الإمارات بثبات على مسار موازٍ يركز على التميز الإقليمي، والاستقلال التكنولوجي، ودمج الذكاء الاصطناعي في كافة مفاصل الاقتصاد والمجتمع، ولا شك أن نجاح "فالكون" سيمثل دفعة قوية لتعزيز الهوية الرقمية العربية، ويعيد رسم ملامح العلاقة بين اللغة والتكنولوجيا، بشكل أكثر عدالة وشمولًا.
- تعديلات الأجور والتقاعد في السعودية: إجراءات جديدة ضمن نظام حماية الأجور والتأمينات
- اختبار شامل للأحمال الكهربائية في المشاعر: المملكة ترفع جاهزيتها لخدمة حجاج بيت الله
- المدينة المنورة تتصدر هطول الأمطار في المملكة بكمية قياسية.. تقرير شامل يرصد كميات الأمطار
- وظائف شاغرة في برنامج التأهيل والإحلال للرجال والنساء
- المدينة المنورة تسجل أعلى معدل لهطول الأمطار بـ 37.4 ملم