المسند يحذّر من تطبيع التجاوزات المرورية ويقترح حلولًا تربوية

المرور
كتب بواسطة: حسان الصائغ | نشر في 

في ظل تصاعد الشكاوى المجتمعية من السلوكيات المرورية الخاطئة، دعا المستشار التربوي والاجتماعي الأسري الدكتور أحمد عبدالعزيز المسند إلى ضرورة ترسيخ أخلاقيات القيادة وتعزيز الوعي المجتمعي بمسؤولية كل فرد على الطريق، مشددًا على أن الطريق ليس مجرد ممر للعبور بل مساحة مشتركة تتطلب التزامًا أخلاقيًا وسلوكيًا يضمن سلامة الجميع.

وفي حديثه عبر إذاعة "العربية إف إم"، استند المسند إلى موقف نبوي بليغ يعكس عُمق الفهم الإسلامي لأدبيات الطريق، حيث قال: "رأى النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة جالسين على الطريق، فقالوا إنهم يتخذونه متنفسًا لهم، فقال عليه الصلاة والسلام: أعطوا الطريق حقه، فردوا عليه: وهل للطريق حق يا رسول الله؟ فقال: كفّ الأذى".

وأوضح المسند أن هذا الحديث النبوي لا يزال صالحًا لمعالجة كثير من مظاهر السلوكيات السلبية التي نشهدها اليوم في شوارعنا، بدءًا من التهور في القيادة، إلى عدم احترام المشاة، وصولًا إلى استخدام المنبهات بشكل مزعج، واحتلال المواقف بطريقة غير لائقة.

وأشار الدكتور المسند إلى أن كثيرًا من التصرفات الخاطئة على الطرقات لا تصدر بالضرورة عن نية سيئة، وإنما نتيجة التأثر بالبيئة المحيطة، قائلاً: "قد يقوم الإنسان بفعل سلوكيات خاطئة لأنه يتأثر بالسلوكيات المحيطة به، فكثرة هذه التصرفات من حوله تجعله يألفها، بل وقد يراها طبيعية رغم ضررها".

وأكد أن هذا التأثير النفسي والمجتمعي يتطلب تدخلًا تربويًا منهجيًا يعيد ضبط المعايير السلوكية لدى الأفراد، خصوصًا النشء والشباب الذين يشكلون الشريحة الأكبر من مستخدمي المركبات.

ولفت إلى أن عملية تقويم السلوك المروري تبدأ من الأسرة والمدرسة، حيث يتلقى الطفل أولى مفاهيمه حول النظام والاحترام والمسؤولية، داعيًا إلى إدماج مفاهيم "أخلاقيات الطريق" ضمن المناهج التربوية، وربطها بالقيم الدينية والوطنية، وتقديمها بأسلوب عملي يجعلها جزءًا من سلوك الحياة اليومية.

كما شدد المسند على أن المؤسسات الإعلامية والدعوية لها دور محوري في نشر الوعي وتغيير الصورة النمطية حول القيادة، مشيرًا إلى أن بعض الشباب قد يرون في التهور أو الاستعراض بالسيارة شكلًا من أشكال القوة أو الرجولة، في حين أن السلوك الحضاري واحترام الآخرين هو ما يعكس فعليًا نضج الإنسان وتحضّره.

وقال: "لابد من إعادة تعريف معنى القيادة، فليست السرعة أو التفحيط أو الصوت العالي من مظاهر القيادة الصحيحة، بل القيادة الحقيقية هي في احترام النظام، والحرص على سلامة النفس والآخرين".

وفي السياق ذاته، دعا المسند الجهات المعنية إلى وضع برامج توعوية تفاعلية تتوجه إلى فئات المجتمع المختلفة، لا سيما عبر منصات التواصل الاجتماعي التي باتت تؤثر بشكل مباشر في سلوك الشباب، مؤكدًا أن العقوبات وحدها لا تكفي إن لم يصاحبها بناء داخلي في الوعي والقيم.

وأضاف: "الرقابة الذاتية يجب أن تُغرس قبل الرقابة القانونية، لأن من يخاف الله ويخجل من الإساءة إلى الآخرين سيتجنب السلوك الخاطئ ولو لم يكن هناك رقيب أو كاميرا".

واختتم الدكتور المسند حديثه بالتأكيد على أن الطريق حق مشترك للجميع، وأن أخلاقيات القيادة لا تنفصل عن الأخلاق العامة، مشبهًا سلوك الإنسان في مركبته بسلوكه في بيته أو مكان عمله، قائلاً: "احترامك للطريق هو احترامك لنفسك وللآخرين، وهو مرآة حضارتك وقيمك".

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية