"وقف الحياة" في أبوظبي: مبادرة رائدة لدعم مرضى الأمراض المزمنة

في خطوة إنسانية طموحة تحمل في طياتها أبعادًا صحية واجتماعية وتنموية، أطلقت هيئة الأوقاف وإدارة أموال القُصَّر في أبوظبي، بالتعاون مع دائرة الصحة وهيئة الهلال الأحمر وهيئة المساهمات المجتمعية معاً، حملة وطنية نوعية تحت اسم "وقف الحياة"، تهدف إلى دعم مرضى الأمراض المزمنة غير القادرين على تحمُّل نفقات العلاج، وذلك في إطار تنفيذ توجُّهات "عام المجتمع" الذي أعلنه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تعزيزًا لمبادئ التضامن والتكافل والعطاء الإنساني.
وتأتي هذه المبادرة ضمن استراتيجية إمارة أبوظبي لتوسيع قاعدة الوقف المؤسسي وربط العطاء المجتمعي بالقطاعات الحيوية، وعلى رأسها القطاع الصحي، من خلال تخصيص ريع الأوقاف لخدمة الفئات الأكثر هشاشة، لا سيما من يواجهون تحديات صحية مستمرة تتطلب تدخلًا نوعيًا ومستدامًا.
وتشكل حملة "وقف الحياة" امتدادًا لمبادرة "وقف الرعاية الصحية" التي أطلقتها الجهات المعنية في مايو 2024 بقيمة إجمالية بلغت مليار درهم، بهدف تأمين تمويل دائم ومستدام يُوجَّه حصريًا لتغطية تكاليف علاج المصابين بالأمراض المزمنة، وتوفير بيئة داعمة وشاملة تشمل الأدوية، والدعم النفسي، والرعاية التخصصية، وذلك وفق نهج شمولي يدمج بين مفاهيم الوقف الإسلامي وأدوات التنمية الحديثة.
وتسعى الحملة إلى تأسيس وقف متجدد يُدار وفق أعلى معايير الحوكمة، يُستثمر في مشاريع ذات عوائد ثابتة، لضمان استدامة الدعم على المدى الطويل، كما تعكس الحملة إدراكًا وطنيًا لأهمية بناء منظومة صحية resilient قادرة على مواكبة النمو السكاني وتحديات الأمراض غير السارية، عبر تحفيز الأفراد والمؤسسات على تبنّي مفهوم العطاء المؤسسي والوقف المجتمعي.
وقد أكَّد فهد عبدالقادر القاسم، المدير العام لهيئة الأوقاف وإدارة أموال القُصَّر، أن الحملة تُجسّد التحوّل النوعي في مسار الوقف التقليدي نحو مفهوم الوقف التنموي، مشيرًا إلى أن الهيئة تبذل جهودًا حثيثة لتفعيل مساهمات المجتمع في القطاعات الحيوية، خصوصًا الصحية، باعتبارها ركيزة أساسية في رفاه المجتمع واستقراره.
وأضاف أن المبادرة تمثل نافذة أمل حقيقية لآلاف المرضى غير القادرين، وتُعبّر عن رؤية الإمارات الاستراتيجية في ربط الوقف بالتنمية البشرية وجودة الحياة، مؤكِّدًا أن "وقف الحياة" سيُدار بمنهجية احترافية تتضمن الاستثمار الأمثل للأموال المتحصّلة، وحوكمتها، وتوظيف عوائدها بما يخدم الأهداف الصحية المنشودة، ودعا القاسم أفراد المجتمع إلى المساهمة الفعّالة في هذه المبادرة الإنسانية الكبرى، تعبيرًا عن الانتماء والمسؤولية الجماعية.
ومن جهتها، أوضحت سعادة الدكتورة نورة الغيثي، وكيل دائرة الصحة أبوظبي، أن الحملة تمثل نموذجًا متكاملًا للشراكة المجتمعية الفعّالة في المجال الصحي، وتُجسِّد رؤية الدائرة في ضمان الوصول العادل والمتكافئ إلى الرعاية التخصصية لجميع سكان الإمارة، بغض النظر عن وضعهم المادي.
ولفتت إلى أن دائرة الصحة ستتولى الجانب الفني والصحي للمبادرة، من حيث توجيه الدعم وفق الأولويات العلاجية، وضمان صرف المساهمات الوقفية بأعلى مستويات الكفاءة، بما يسهم في تخفيف الأعباء المالية عن المرضى، ورفع جودة الرعاية المقدَّمة لهم، وأضافت أن التكافل الاجتماعي يُعدّ أحد أعمدة المنظومة الصحية المتكاملة، والحملة تؤكد أن الإنسان يظل محور السياسات الصحية في الإمارات، كما أنها تُسهم في تعزيز الوعي الوقفي كأداة للتمكين الصحي والاجتماعي.
وفي جانب الشراكة التنفيذية، برز دور كل من هيئة الهلال الأحمر الإماراتي وهيئة المساهمات المجتمعية معاً، حيث تم الإعلان عن كونهما الذراعين المعتمدين لجمع المساهمات والتبرعات الخاصة بالحملة، وأوضح أحمد ساري المزروعي، الأمين العام لهيئة الهلال الأحمر، أن الوقف يمثل ركيزة أصيلة في استراتيجية الهيئة لتأمين مصادر دعم مستدامة للمشاريع الإنسانية.
مشيرًا إلى أن الأمراض المزمنة باتت تمثل عبئًا متزايدًا على الأسر والمجتمعات، والحملة توفّر فرصة ذهبية لتحفيز المسؤولية الاجتماعية للمساهمة في علاج هذه الحالات، وأكّد أن الهلال الأحمر سيعمل وفق منظومة دقيقة لرصد الأولويات الصحية، وتوجيه الدعم لمستحقيه، وتحقيق أعلى أثر ممكن من كل درهم يُساهم به المجتمع.
كما شدد عبدالله حميد العامري، مدير عام هيئة المساهمات المجتمعية معاً، على أن الحملة تعبّر عن فلسفة أبوظبي في إشراك المجتمع كطرف أصيل في صناعة الحلول للتحديات الاجتماعية، من خلال منظومة المساهمات المجتمعية المؤسسية.
وبيّن أن الهيئة ستوفّر منصات آمنة وشفافة لتلقّي المساهمات، وضمان توجيهها بشكل فعّال نحو دعم المرضى وتحقيق الاستدامة المطلوبة، كما أشار إلى أن حملة "وقف الحياة" تُعزز مفهوم الشراكة الثلاثية بين القطاع العام والخاص والمجتمع المدني، وتُمهِّد الطريق أمام مزيد من المبادرات الوقفية ذات الأثر العميق، لا سيما في القطاعات التي تمس حياة الأفراد وكرامتهم الإنسانية.
إن "وقف الحياة" ليس مجرد مشروع خيري تقليدي، بل يمثل نقلة نوعية في مفهوم الوقف بوصفه آلية تنموية تُسهم في تحقيق التنمية المستدامة، ورافدًا مستمرًا للقطاع الصحي في الإمارات، إذ يعكس المشروع نهجًا استراتيجيًا يربط بين الاستجابة للاحتياجات الفورية للمرضى، والاستثمار طويل الأمد في البنية الصحية والاجتماعية، مما يُعزز قدرة المجتمع على التصدي للتحديات الصحية المتصاعدة، وتؤكد الحملة على أن الوقف ليس فقط عبادة مالية، بل أداة حضارية تعكس روح التضامن، وتُترجم قيَم العطاء والرحمة، وترسي أسس مجتمع متراحم ومترابط.
- جولة نارية في روشن: كلاسيكو البطل أمام الشباب وصدام منتظر بين النصر والأهلي لحسم السوبر
- بنزيما يشعل الميركاتو السعودي: الهلال يفتح باب المفاوضات والاتحاد يرد بحسم
- هل يوم العلم السعودي إجازة رسمية 2025؟ وزارة الموارد البشرية توضح التفاصيل
- حقيقة رحيل يايسله وخيسوس عن دوري روشن في نهاية الموسم
- دفعة فبراير 2025.. وزارة الإسكان توضح موعد إيداع الدعم السكني للمستفيدين