السديس يفتح باب التطوع في الحرمين الشريفين لموسم الحج: فرص تخصصية لخدمة ضيوف الرحمن

كتب بواسطة: حاتم الصهيب | نشر في

في خطوة تعكس روح التكافل والعمل الجماعي التي يتميز بها المجتمع السعودي، أعلن معالي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، رئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي، عن فتح باب التطوع للرجال والنساء في المجالات المتخصصة، وذلك للمشاركة في خدمة ضيوف الرحمن خلال موسم الحج لهذا العام داخل الحرمين الشريفين.

وتأتي هذه المبادرة بالتنسيق مع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، والمركز الوطني للقطاع غير الربحي، حيث تهدف إلى استقطاب الكفاءات الوطنية من الجنسين، واستثمار طاقاتهم ومواهبهم في خدمة قاصدي بيت الله الحرام وزائري المسجد النبوي، بما يحقق التكامل المؤسسي في تقديم أرقى الخدمات الدينية والإرشادية والتقنية واللغوية والإعلامية.

وأكد السديس في تصريحه أن الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي تضع العمل التطوعي في صميم رؤيتها، إدراكًا منها لما له من أثر عظيم في تعزيز منظومة العمل الخدمي والدعوي، مشيرًا إلى أن لدى الرئاسة برامج متكاملة للعمل التطوعي في التخصصات الدينية، وأن هذه البرامج تستند إلى احتياجات فعلية يتم رصدها وتحديثها بشكل دوري.

وأوضح أن الرئاسة شرعت في حصر الفرص التطوعية ووضع قاعدة بيانات شاملة للمتطوعين، تتضمن مجالات عمل دقيقة ومتنوعة، تشمل: المجال الإرشادي والعلمي، التوعوي، الإعلامي، التقني، تسوية الصفوف، تصحيح التلاوة للفاتحة وقصار السور، وأيضًا الترجمة، وذلك بهدف تقديم خدمات تطوعية احترافية تراعي خصوصية الحرمين الشريفين، وتنسجم مع عظمة المناسبة وشرف المكان.

وفيما يتعلق بحجم المبادرة، أوضح السديس أن الرئاسة تعمل على توفير أكثر من 400 فرصة تطوعية جديدة خلال موسم الحج، تتوزع على أكثر من 200 ساعة تطوعية، مع التركيز على استقطاب أكبر شريحة ممكنة من مختلف فئات المجتمع، مع مراعاة التخصصات الدينية والتقنية ذات العلاقة، وهو ما يعكس توجهًا نوعيًا نحو الاحترافية وتوسيع نطاق المشاركة المجتمعية.

ولفت إلى أن المنصة الإلكترونية التي خصصتها الرئاسة لاستقبال طلبات التطوع ستتيح للأفراد والجهات المبادِرة تقديم طلباتهم بسهولة، كما سيتم دراسة كل طلب بعناية، وفقًا لمتطلبات العمل ومجالات الخدمة المتاحة.

وأوضح السديس أن فتح باب التطوع في الحرمين الشريفين لا يندرج فقط تحت إطار التنظيم والإدارة، بل هو أيضًا نابع من القيم الدينية والإنسانية التي يحث عليها الإسلام، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿ومن تطوّع خيرًا فإن الله شاكر عليم﴾ [البقرة: 158]، وبقوله تعالى: ﴿فمن تطوّع خيرًا فهو خير له﴾ [البقرة: 184]، مبينًا أن العمل التطوعي في الحرمين يحمل قيمة مضاعفة، كونه يتم في أشرف بقاع الأرض وفي أفضل الأيام.

ونوّه بأن الرئاسة تهدف من خلال هذا البرنامج التطوعي إلى ترسيخ مبدأ العمل الخيري والتعاوني، وجعل الحرمين الشريفين بيئة محفزة للإبداع والمبادرة، تتسع للجميع، وتُقدّر الجهود الصادقة التي يبذلها المتطوعون من أبناء وبنات الوطن.

وأعدّت الرئاسة منصة إلكترونية متكاملة تتيح للمتقدمين اختيار المجال المناسب لهم، وتعبئة بياناتهم، واستقبال الردود والملاحظات، كما تتيح للجهات الداعمة أو التخصصية تقديم عروضها التطوعية وخدماتها اللوجستية والتقنية، وتمكن هذه المنصة الرئاسة من إدارة العمل التطوعي بكفاءة، وتوزيع الأدوار وفقًا لمتطلبات كل موقع داخل الحرمين.

وشددت الرئاسة على أهمية الالتزام بالمعايير الأخلاقية والمهنية للعمل التطوعي، مؤكدة أن جميع المتطوعين سيخضعون لبرامج تأهيلية وتدريبية تضمن جودة الخدمة وتعزز من مستوى الأداء، خصوصًا أن موسم الحج يشهد كثافة بشرية هائلة تتطلب تنسيقًا دقيقًا وعملًا منظمًا.

وتأتي هذه الخطوة في سياق دعم رؤية المملكة العربية السعودية 2030، والتي أولت العمل التطوعي اهتمامًا كبيرًا، من خلال استهداف الوصول إلى مليون متطوع سنويًا بحلول عام 2030، كما تندرج المبادرة ضمن برامج جودة الحياة والتمكين المجتمعي، وهي تسعى إلى تعزيز ثقافة التطوع بين المواطنين والمقيمين، وتقديم صورة مشرقة عن المملكة وخدماتها.

ويُعد فتح باب التطوع في الحرمين خلال موسم الحج من أبرز المبادرات التي تبرِز اهتمام القيادة الرشيدة بخدمة ضيوف الرحمن، وتوفير بيئة روحانية متكاملة تليق بمقام الحجاج والمعتمرين والزوار، خاصة مع توسع رقعة الخدمات وزيادة أعداد الزوار عامًا بعد عام.

وفي ضوء هذه المبادرة المباركة، تتواصل جهود المملكة العربية السعودية ومؤسساتها المختلفة لتقديم أرقى مستويات الخدمة لضيوف الرحمن، من خلال تمكين المجتمع للمشاركة في هذه الرسالة العظيمة، وفتح أبواب الخير والعطاء في أطهر بقاع الأرض، ومع انطلاق موسم الحج، تتهيأ الحرمين الشريفين لاستقبال آلاف المتطوعين الذين سيسهمون بخبراتهم ومواهبهم في رفد منظومة العمل الديني والإنساني، وتجسيد صورة مشرقة عن العمل الجماعي في خدمة الإسلام والمسلمين.

اقرأ ايضاً