من المؤبد إلى البراءة: محكمة الاستئناف في دبي تنقذ خليجيًا من السجن لهذا السبب

في تطور قضائي لافت، ألغت محكمة الاستئناف في دبي حكمًا سابقًا صدر عن محكمة أول درجة، كان قد قضى بالسجن المؤبد بحق مواطن خليجي بتهمة حيازة مادة مخدرة بقصد الاتجار، لتنتهي القضية بحصوله على البراءة، بعد أن استندت المحكمة العليا إلى تضارب أقوال المتهمين الآخرين في القضية، وغياب الأدلة المادية القطعية التي تثبت الجرم المنسوب إليه.
وتعود تفاصيل القضية إلى واقعة دهم نفذتها شرطة دبي على شقة سكنية كان بداخلها متهم آسيوي برفقة عدد من الأشخاص، حيث تم ضبط كمية من مخدر الحشيش، إلى جانب أدوات يُشتبه في استخدامها لأغراض التعاطي.
ووفقاً لتحريات الشرطة، أقر المتهم الآسيوي خلال التحقيقات الأولية بأنه حصل على المخدرات من المتهم الخليجي مقابل مبلغ مالي قدره 1000 درهم، تم تحويله إلى حساب الأخير.
كما أفاد متهم أوروبي آخر كان برفقة الآسيوي في ذات الشقة، بأنه اشترى المادة المخدرة من المتهم الخليجي مباشرة مقابل 2000 درهم، وقام بمنح جزء منها للمتهم الآسيوي.
وبناءً على هذه الأقوال، أُحيل الثلاثة إلى محكمة الجنايات بتهمة حيازة المواد المخدرة، حيث قضت محكمة أول درجة بالسجن المؤبد بحق المتهمين الثلاثة، إضافة إلى غرامة مالية قدرها 500 ألف درهم لكل منهم، والإبعاد عن الدولة بعد قضاء العقوبة.
لكن المتهم الخليجي، الذي أنكر التهمة منذ بداية القضية، تقدم بطعن على الحكم عن طريق محاميه محمد العوامي المنصوري، والذي قدم مذكرة دفاعية شاملة، ارتكزت على ثغرات قانونية وإجرائية عدّة، كانت كفيلة بتغيير مسار الحكم بالكامل.
وفي مرافعة الدفاع، أشار المحامي إلى أن الحكم الصادر من محكمة أول درجة بُني على أقوال متهمين آخرين فقط، دون أن تُعزز هذه الأقوال بأدلة مادية ملموسة مثل الضبط الفعلي للمخدرات مع المتهم الخليجي أو وجود تحويلات مالية مؤكدة إلى حسابه، كما أشار إلى أن الأقوال التي استندت إليها المحكمة كانت متناقضة، وهو ما يُسقط عنها صفة "الدليل القاطع".
وأوضح أن أحد المتهمين ذكر في محضر الشرطة أنه دفع مبلغًا ماليًا لمتهم آخر ليقوم بجلب المخدرات من المتهم الخليجي، في حين ذكر في تحقيقات النيابة أنه هو من حول المبلغ مباشرة للمتهم الخليجي واشترى منه المادة المخدرة، مما يُظهر تضارباً واضحاً في الروايات.
أما المتهم الثاني (الأوروبي)، فقد أكد أن المتهم الآسيوي لم يتعامل مباشرة مع الخليجي، بل هو من قام بشراء المخدرات وسلمها له، وهذا التناقض بين ما ورد في محاضر الشرطة وتحقيقات النيابة، وفقاً للدفاع، يُضعف الاتهام من الناحية القانونية.
واستندت مذكرة الدفاع كذلك إلى غياب التحريات الأمنية حول المتهم الخليجي، إذ لم يكن ضمن دائرة الاشتباه أثناء المداهمة، ولم يُضبط في الشقة التي وُجدت بها المخدرات، بل تم القبض عليه لاحقاً في المطار أثناء توجهه لأداء مناسك العمرة، كما لم يُعثر بحوزته على أي مواد ممنوعة أو رسائل هاتفية تربطه بالمتهمين الآخرين.
وأفاد المحامي أن التحقيقات لم تتضمن مراجعة حسابه البنكي لإثبات تلقيه أي تحويلات مالية من المتهمين، وهو ما يُعد نقصًا جوهرياً في استكمال عناصر الاتهام.
كما ثبت لاحقاً أن رقم الهاتف الذي استُخدم في التواصل مع المتهم الآسيوي لا يخص المتهم الخليجي، مما أبطل الاتهام القائم على المراسلات.
وبعد مراجعة الأوراق والتدقيق في المرافعات، قضت محكمة الاستئناف ببراءة المتهم الخليجي، مشيرة إلى أن ما ورد بشأنه لا يصلح أن يكون سندًا للاتهام، وأن المحكمة تطمئن إلى إنكاره، وترى أنه أقرب إلى الحقيقة، في ظل تضارب أقوال المتهمين الآخرين وغياب الأدلة المادية القاطعة.
وأشارت المحكمة في حيثيات الحكم إلى أن الاعترافات الصادرة عن متهم على آخر لا ترقى إلى مستوى الدليل الكامل، إلا إذا عززتها وقائع وأدلة أخرى تؤكد صحة تلك الأقوال، وبغياب هذه الأدلة في القضية، فإن المتهم يُعتبر بريئًا حتى يثبت العكس بيقين، لا مجرد استنتاج.
وتعكس هذه القضية أهمية الالتزام الكامل بالإجراءات القانونية، ودقة التحريات، وأهمية عدم الاعتماد على الأقوال المتناقضة كدليل وحيد في إصدار أحكام مصيرية، خصوصًا في قضايا خطيرة كقضايا المخدرات، كما تُبرز الدور المحوري للدفاع في إظهار جوانب قد تغيب عن المحكمة في الدرجة الأولى.
وقد أثار الحكم نقاشًا قانونيًا في الأوساط القضائية، لا سيما بشأن معايير قبول الأدلة، وحدود مسؤولية المتهمين بناءً على أقوال بعضهم البعض، وأهمية استيفاء التحقيقات لجميع الجوانب التقنية والمادية.
وبهذا الحكم، يُغلق فصل من فصول قضية معقدة شغلت الرأي العام لفترة، ويُعاد التأكيد على أن العدالة لا تكتمل إلا عندما تكون مبنية على أسس راسخة من الأدلة والبراهين، لا على روايات متضاربة أو شهادات غير مدعومة.
وقد يُعد هذا الحكم سابقة قانونية هامة في كيفية التعامل مع تضارب الأقوال في القضايا الجنائية، ما يُسهم في تعزيز المنظومة القضائية القائمة على الدقة والنزاهة.
- محمد الدويش يشعل الجدل على "إكس" بسبب نقاط النصر والعروبة
- تضحية لن ينساها جمهور العميد!! رايكوفيتش يخضع لجراحة عاجلة بسبب إصابة منذ شهرين
- السوق الشتوية تشتعل.. الاتفاق يراهن على بديل النصر ويتجاهل نجم الهلال
- مع بداية شهر رجب.. آخر تحديث لـ سعر الريال السعودي مقابل الجنيه المصري اليوم
- ميركاتو الأهلي يشتعل.. يايسله يطارد "مدافع محلي" لتعزيز الدفاع